انتصار الدم على السيف – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
جرت سنة الله تعالى في خلقه أن يرفع المؤمنين ويمحق الظالمين، فكما حاول فرعون أن يحارب موسى ذهب فرعون وبقيت رسالة موسى، وكما قتلت بنو اسرائيل الأنبياء شرد الله بني اسرائيل وبقيت رسالة الأنبياء.
كذلك قريش حاربت النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وجيشت الجيوش لحربه وعانى في سبيل دعوته الربانية من قريش الظلم والأذى ومحاولات القتل إلا انه بقيت الرسالة المحمدية وكبرت وتنامت وأصبحت الجاهلية في طي التاريخ.
وكذلك أراد يزيد وآل أمية استئصال حتى الرضيع من أولاد الحسين عليه السلام إلا أننا اليوم وفي كل محرم وفي أي أرض تتجه إليها، لا تسمع إلا نداء الحسين عليه السلام يعلن انتصاره على يزيد وأتباعه وعلى جميع آل أمية بل على كل طاغية جبار في العالم.
هذا النداء الإنساني الذي طالما هز مضاجع الظالمين في الماضي، لا زال يهز مضاجع الطغاة حتى اليوم ويبعث الأمل في نفوس المستضعفين.
وإن السر في خلود ذكر الحسين عليه السلام أن رسالته كانت هي بنفسها رسالة جده المصطفى صلى الله عليه وآله ورسالة جده هي رسالة السماء ورسالة السماء خالدة.
فإن سيد الشهداء عليه السلام كان هدفه بقاء الرسالة الإسلامية وكان هدفهم محقها، وكان يريد رفع نداء “لا إله إلا الله” وكان نداؤهم “إعلوا هبل” وكانت رسالته الحب والإنسانية وكانت رسالتهم القتل وسفك الدماء.
فهذا يزيد عندما ظن أنه انتصر صرح بكفره عندما ردد أبيات ابن الزبعري:
ليت أشــــــياخي ببدر شــــــــــــــهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأســـــــــــــــــــل
لأهلوا واســـــــــــتهلوا فرحـــــــــــــــــاً *** ثم قالوا: يـــــــا يزيد لا تشــــــــــــــــــل
قد قتلنا القرم من ساداتهـــــــــــــــــــم *** وعـــــدلناه ببــــــدر فـــــــــــــــــاعتــدل
لعبت هاشــم بالملك فـــــــــــــــــــــــلا *** خــبــر جـــــــــــــــاء ولا وحــــي نـــــزل
لست من خندف إن لم أنتقـــــــــــــــــم *** من بني أحمد ما كان فعــــــــــــــــــــل
لكن الانتصار الحقيقي في واقعة الظف كان لصالح الحسين عليه السلام، كما قال الإمام السجاد عندما سأله أحدهم من غلب فقال: (إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ مَنْ غَلَبَ وَ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَأَذِّنْ ثُمَّ أَقِمْ)