العناد سبيل الهلاك – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ)
إن عيسى عليه السلام كان يرسل حوارييه إلى عدة بلدان للتبشير بدين الله تعالى فأرسل إلى أحد مناطق الروم اثنين من حوارييه، فصادفوا بحبيب النجار وهو رجل كان مشرف على صناعة الأصنام، فدعوه إلى الله تعالى وكان قد آمن بعدما دعوا الله له بالشفاء من الجذام فصار يركض (يسعى).
وبعد إيمانه أصبح هذا الرجل يدعوا الناس للإيمان بالله تعالى وبرسالة المسيح عليه السلام، فلما وصل الخبر للملك سجه هو ورسولي عيسى إلى بلاد الروم، فجاء الحواري الثالث وكان هو شمعون الصفا، تودد للملك بطريقة حتى استدرجه إلى الكلام عن الحواريين وعن حبيب النجار حتى دفعه إلى استدعائهم للمثول أمامه.
ولما مثلوا أمامه تحدث معهم شمعون أمام الملك وسألهم عن آية صدقهم، فأشاروا إلى ابن الملك الذي كان مقعداً، وقالوا إنا ندعو الله تعالى أن يشفيه، فلما دعوا الله بشفاء ابن الملك واستجاب الله لهم آمن الملك برسالة المسيح.
من الدروس المستفادة من هذه القصة أن الإنسان إذا قامت عليه الحجة في فكرة أو في عقيدة فلا يتكبر عن الإيمان بها، إلا أن واقع الناس في مجتمعاتنا البشرية أن أغلبها معاندة، فكم من إنسان تبين له صدق الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وعظمة دينه الخالد إلا أنه لا زال يهاجم الإسلام والمسلمين.
بل كم من مسلم يعلم أن ولاية أهل البيت عليهم السلام هي الحق وهي سبيل النجاة إلا أنه يستنكف عن اتباعهم لاعتبارات فارغة، بل ترى البعض منهم ليس فقط يستنكف عن ولاية أهل البيت بل يشنع ويهاجم شيعتهم وأوليائهم رغم أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله طالما أوصى بهم وبولايتهم إلا أن الأمة لم تراعي حق الله تعالى فيهم.
ففي حديث طويل أن النبي صلى الله عليه وآله أتته الأنصار فقالوا : يا رسول الله ، إن الله جل ذكره قد أحسن إلينا وشرفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا ، وقد تأتيك وفود فلا تجد ما تعطيهم ، فيشمت بك العدو ، فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا ، حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم ، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه واله شيئاً ، وكان ينتظر ما يأتيه من ربه ، فنزل جبرئيل عليه السلام وقال : (قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)
نعي مصائب سبايا أهل بيت النبوة عليهم السلام