ما هو سبيل الله؟ – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ)
إن كثيراً من آيات القرآن الكريم لا يمكن تفسيرها على المعنى الظاهري، كتلك الآيات التي لو فسرت على ظاهرها لوقعنا في الاعتقاد بالتجسيم لله عز وجل، أو كالآية التي تقول: (وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً)، ومن هذا القبيل تأتي هذه الآية التي يفيد معناها الظاهري أن الشهداء لا يزالون على قيد الحياة في هذه الدنيا، وهذا التفسير خلاف للواقع، ولذلك امتنع تفسيرها على ظاهرها.
فحياة الشهيد المذكورة في هذه الآية حياة الروح، وما كانت حياة البدن إلا تجسيد لحياة الروح، ومن ثم إن الحياة الواقعية هي الحياة الكاملة التي لا تعب ولا شقاء فيها، وهذه هي سمات حياتنا الدنيا، بينما الشهيد عند الله يعيش تلك الحياة الكاملة التي لا صخب فيها ولا نصب، ولا هم ولا حزن بل راحة تامة، ولذا الله تعالى يقول: (وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).
والله سبحانه وتعالى وبناءً على أن الجزاء من جنس العمل، جازى الشهيد الذي قدم حياته في سبيل الله تعالى بحياة أخرى هي أفضل وأبقى، وسبيل الله تعالى هو صلاح المجتمع، فالمجتمع الصالح إنما تقوم على حياته على عدة أمور وهي:
سلامة النفس والمال والعرض والعقل والدين، فإيما مسلم قدم نفسه دفاعاً عن إحدى تلك الأمور أو جميعها إنما قدم نفسه في سبيل الله واستحق منزلة الشهيد عند الله.
فإذا عرفنا ما هو معنى سبيل الله تعالى، يتبين معنا لماذا خرج الإمام الحسين عليه السلام على بني أمية، وقام بنهضته المباركة ضدهم، فيزيد بن معاوية على وجه الخصوص لم يترك شيئأ مما ذكرناه إلا وأنتهك حرمته.
فقد انتهك حرمة النفس بسفك الدماء، وسلب الأموال من المسلمين واعتدى على أعراضهم، أما عن انتهاكه لحرمة العقل فقد كان يخرج لصلي بالناس ويخطب فيهم على منبر رسول الله وهو مخمور، ولو كان عندهم دين هل كانوا لينتهكوا أي من تلك الحرمات؟!