خلق الإنسان من طين – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(خلق الإنسان من صلصال كالفخار * وخلق الجان من مارج من نار)
إن خلق الإنسان من طين حقيقة قرآنية إسلامية ثابتة لا تقبل النقاش، ولكن من خلق من طين هو أبونا آدم عليه السلام وهو الإنسان الأول الذي خلقه الله على وجه هذه الأرض، رغم أن هناك اختلافا اليوم بين المفسرين بعد اكتشاف العلم الحديث لأجساد لآدميين ترجع إلى نحو مليوني سنة مضت، وهذا ما لا يستقيم مع النظرة السابقة التي اعتبرت أن آدم عليه السلام خلق قبل أربعة عشر ألف سنة.
إن خلق الإنسان من طين ينطبق على خلق أبينا آدم عليه السلام، وإلا فإن من جاء بعده من بشر خلقوا من نطفة في قرار مكين.
وفي الواقع يريد الله سبحانه وتعالى من وراء هذه الحقيقة وهي حقيقة خلق الإنسان من طين أن ينبه الإنسان إلى حقيقته وأصله وأنه مخلوق من التراب الذي يداس كل يوم تحت الأقدام ولا قيمة له، فلا يغرنه شيء ولا تغرنه قوته ولا جبروته، وليعرف قدره ومكانته.
والتراب على بساطة قيمته إلا أنه أعز ما يملك الإنسان، أو بالأحرى الأرض التي عليها هذا التراب، فمن الأرض نأكل ومنها نلبس وفيها نزرع وعليها نسكن ونستقر، بل وفيها ندفن ويكون مثوانا الأخير.
وعندما يولد الإنسان يؤخذ من تربة موطنه شيء ويمزج بالنطفة التي شاء الله أن يولد منها، فلذلك تجد المرء يبقى يحن إلى آخر عمره إلى أرضه التي منها ولد وإليها انتمى ولو جعلته يعيش في الجنان.
ولكن خلق الإنسان من طين بهذا الإبداع وبهذا الإتقان، هل هو نابع من حقيقة التراب وأصله؟ فلو صنعت فخارة من تراب وشكلتها على شكل بشر هل سيكون لها ذات القابليات التي تملكها أنت الذي صنعتها؟
الحقيقة هي أن ذلك غير ممكن، وإن يد الله التي صنعت هذا الإنسان من الطين هي من جعلت للإنسان هذه القابليات وأتقنت خلقه ليغدو الإنسان الذي نعرفه.
مواضيع مشابهة
الهدى والضلال في القرآن الكريم -5- الإعجاز الإلهي في خلق الإنسان