مظلومية أهل البيت عليهم السلام في العصر العباسي – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
مانالَ مِنهُم بَنو حَربٍ وَإِن عَظُمَت *** تِلكَ الجَرائِرُ إِلّا دونَ نَيلُكُمُ
كَم غَدرَةٍ لَكُمُ في الدينِ واضِحَــــــــــــــــــــــةٍ *** وَكَم دَمٍ لِرَسولِ اللَهِ عِندَكُمُ
هذه الأبيات من قصيدة لأبو فرس الحمداني وضح فيها ظلم بني العباس بحق العلويين عموماً وأئمة أهل البيت عليهم السلام على وجه الخصوص، وإن تصويره في هذه الأبيات لم يكن فيها مبالغة بل لعل ظلمهم كان أشد مما يوصف.
وقد يستغرب البعض من موقف بني العباس تجاه أحفاد رسول الله صلى الله عليه وآله، وذلك باعتبار أنهم أولاً أبناء عم وبينهم رحم، وثانياً أن كلاً من العباسيين والعلويين لاقوا الويلات من بني أمية، وهذين الأمرين من الفترض أن يكونا دافعاً للعباسيين أن يدافعوا عن أهل البيت عليه السلام بعد تسلمهم السلطة والأخذ بثأرهم، ولكن كانوا الأشد على آل علي عليهم السلام من بني أمية بالظلم والقتل.
والسبب أن بني العباس كانت لديهم عقد نقص تجاه آل أبي طالب، منها أن العباس بن عبد المطلب كان ابن أمة عبد المطلب، بينما أبو طالب وحمزة وعبدالله كانوا أولاد حرة، ورغم أنه لم يكن أحد من الأئمة عليهم السلام بهتهم بذلك بل حتى الإمام علي عليه السلام حين ولايته أعطى بعضهم ولاية على بلدان معينة حتى يمتص عقدتهم.
والسبب الثاني أن العباس بن عبد المطلب لم يسلم إلا بعد الفتح، فبناء على الآية التالية
: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ) أنقطعت ولايتهم.
ففي رواية مطوله بين الإمام الكاظم عليه السلام وهارون العباسي حول الحق بوراثة النبي صلى الله عليه وآله هل هي لآل علي عليه السلام أم للعباس حيث قال عليه السلام: إن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يورث من لم يهاجر، ولا أثبت له ولاية حتى يهاجر. فقال: ما حجتك فيه؟ قول الله تبارك وتعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ) وإن عمي العباس لم يهاجر.