إضاءات على آية المودة – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
آية المودة جاءت في سورة الشورى: “قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ” (الشورى: 23). نزلت هذه الآية عندما سأل أحد المسلمين النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إن كان يطلب أجراً على رسالته.
المودة هنا لا تُفهم بمعناها الحب المجرد، بل أكثر من ذلك، هي تعني طاعة واتّباع أهل البيت، والالتزام بنهجهم، وهذا يؤكد على الارتباط الوثيق بين الإسلام وأهل البيت، ولذا بات التمسك بأهل البيت (عليهم السلام) جزء لا يتجزأ من تعاليم الإسلام ومن وصايا النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
أقوال العلماء في نزول آية المودة
تتفق الروايات على أن هذه الآية نزلت في حق أهل البيت (عليهم السلام)، وهناك روايات متواتر عن الصحابة والتابعين تؤكد أن “القربى” هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). فقد روي عن ابن عباس أنه لما نزلت الآية سأل بعض الصحابة النبي محمد (صلى الله عليه وآله): “يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟” فقال (صلى الله عليه وآله): “عليّ وفاطمة وولداها” (عليهم السلام).
لماذا أمر الله بمودة أهل البيت (عليهم السلام)؟
إن أهل البيت (عليهم السلام) هم الوسيلة التي توصل الناس إلى معرفة الحق واتباعه، وقد أمر الله بمودتهم لأنهم الأعلم بالقرآن وسنة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وهم المثل الأعلى للالتزام بأحكام الدين والأخلاق االنبوية.
وقد كانت حياتهم (عليهم السلام) مليئة بالعطاء والتضحيات في سبيل الله والدعوة إلى الله، وكانوا يُجسدون القيم النبيلة التي جاء بها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)
كما أن مودة أهل البيت أحد أهم عوامل وحدة الأمة الإسلامية ودعوها، لأن حبهم يجمع الناس على حب الدين والابتعاد عن الفرقة والضلال، فهم سفينة النجاة، حسب ما ورد في حديث النبي: “مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلى عنها غرق”
عظمة أخلاق أهل البيت (عليهم السلام) وسعة علمهم
أهل بيت النبوة (عليهم السلام) جسدوا مثالاً رائعاً في سمو الأخلاق الإنسانية، فقد كانوا من أكرم الناس وأصدقهم في القول وأعدلهم في الحكم. معروفون بحلمهم وصبرهم وبكرمهم مع الموالي والمخالف. وكانوا فيها في العلم والمعرفة، يحثون الناس على طلب العلم والتفقه في الدين
وتناول علمهم تتجلى في أقوالهم وأحاديثهم التي تتنوع جوانب الحياة الدينية والدنيوية. علي الإمام (عليه السلام) هو أستاذ البلاغة، الذي وضع من أروع النصوص الأدبية في اللغة العربية، والإمام جعفر الصادق (عليه السلام) كان له دور كبير في تطوير العلوم المختلفة، كالفلسفة والطب والكيمياء.
سمو تعاليم أهل بيت النبوة (عليهم السلام)
تعاليم الآئمة المعصومين (عليهم السلام) تنبثق من القرآن والسنة النبوية، وهي منهج عملي لإصلاح النفس والمجتمع. ولم تكن تعاليمهم مجرد نصائح قالوها، بل كانت برامج فعالة حققت العدالة والمساواة الاجتماعية. وقد شددوا دائما على أهمية الرحمة والتسامح، والتمسك بالقيم الأخلاقية، وكانوا (عليهم السلام) يُعلِّمون الناس أهمية الزهد في الدنيا والتطلع إلى الآخرة، دون الغفلة عن مسؤولياتهم تجاه المجتمع.
جرائم بني أمية في حق أهل البيت (عليهم السلام)
بني أمية ارتكبوا عدد كبير من الجرائم البشعة بحق آل محمد (عليهم السلام)، وأبرزها واقعة كربلاء، عندما قتلوا الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه في يوم عاشوراء. هذه الحادثة ليست مجرد جريمة قتل، ولكنها محاولة لطمس الحقائق والتلاعب بالدين.
كما قام الأمويون بملاحقة وسجن وقتل موالي آل محمد عليهم السلام ، ومنعوا المحدثين من ذكر فضائلهم، بل واستبدلوها بذكر مناقب مكذوبة بحق مناوئي آل محمد عليهم السلام.
خاتمة:
في النهاية، يمثل حب أهل البيت (عليهم السلام) منهجاً للإصلاح والتمسك بالقيم الإسلامية الأصيلة، فهم كانوا دائماً مثالاً للصبر والجهاد في سبيل الله، وتعاليمهم تُعتبر منارة هدى للأجيال المسلمة على مر العصور.
مواضيع مشابهة
إضاءات على آية المودة – الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
موقع النبي (ص) في قلوب الأمة
