بركات الدم الحسيني – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
خذ في ثنائهم الجميل مقرِّضا *** فالقوم قد جلوا عن التأبينِ
إن التأبين يكون للأموات، ولا يجتمع شيعة أهل البيت عليهم السلام في مناسبتي عاشوراء وأربعين سيد الشهداء لأجل تأبين الإمام الحسين عليه السلام، فهو قد خلد بشهادته لأنه من الأحياء (أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).
وإن الدم الذي أراقه الحسين عليه السلام على تراب كربلاء سيبقى خالداً إلى يوم القيامة، والسر في ذلك أنه أريق لله تعالى وأن ثورة الحسين عليه السلام كانت امتداداً لثورات الأنبياء، وإن دماء الشهداء مواقف وأفكار والمواقف والأفكار لا تموت برحيل صاحبها عن الدنيا.
إن الله تعالى قد تكفل بحياة الشهداء، فقد قال وهو أصدق القائلين: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ)، فالشهيد حي وإن هدئ جسده عن الحركة ووضع تحت التراب، ولكن روحه لم تهدأ، وهكذا هي روح سيد الشهداء عليه السلام بقيت حيه، لأن دمه الذي أراقه كان الهدف منه سبيل الله.
وكما نعلم أن كثيراً ممن يحارب إنما يكون قتاله لأجل مال أو سلطان وغير ذلك من الأمور الدنيوية، وهذه الأمور لم ولن تخلد في الدنيا حتى تخلد هي ومن قاتل لأجلها عند الله تعالى، ومنذ يوم عاشوراء إلى يومنا هذا قامت دول وسقط أخرى ولم يبقى لأصحابها ذكر ولا أثر، أما سيد الشهداء بقي ذكر خالداً ويزداد شعاعاً.
وفرق بين من بسط عرشه بالقوة كالسلاطين وبين من بسط عرشة على القلوب كالشهداء، والشهيد كذاك قاتل لإحياء كلمة الله تعالى، وكلمة الله تبقى حيه لا تموت، ولذلك يخلد الشهيد وتمحق سلاطين الجور.