دوافع النهضة الحسينية – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
إن خروج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة باتجاه مكة ومن ثم باتجاه العراق وتحديدا إلى كربلاء لا بد أن يكون له دوافع منطقية يقبل بها العقل.
ومما لا يعقل أن يكون خروج الإمام الحسين عليه السلام بتلك القلة القليلة ممن كان معه ووقف إلى جانبه وهم لا يتعدون اثنين وسبعين شخصًا وعدد من أهل بيته على أكثر التقديرات خروجًا لأجل تحقيق النصر العسكري المادّي، ولا مجال هنا لمقارنة ذلك مع خروج النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر مع أصحابه لقتال المشركين، فقد كان عدد المسلمين آنذاك 313 رجلا يقابلهم نحو ألف من المشركين، فيتضح أن هناك مجالا للمقارنة بين العددين رغم قلة عدد المسلمين بالنسبة لأعدائهم، إلا أنه في حالة الحسين عليه السلام فإن العدد لا مجال معه للتفكير بالنصر العسكري.
تشير أقل التقديرات إلى أن عدد من خرج لقتال الحسين بن علي عليهما السلام نحو اثنين وثلاثين ألفا مقابل مئة أو أكثر بقليل من جيش الإمام الحسين عليه السلام، والقرآن يشير إلى غلبة المؤمنين في حال كان عددهم يشكل واحدا من عشرة من جيش الأعداء في أفضل الحالات (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا).
إلا أنه في واقعة كربلاء فإن عدد أفراد جيش أبي عبد الله الحسين عليه السلام كان يساوي أقل من تلك النسبة بكثير، لذلك فإن النصر العسكري لم يكن دافعا من دوافع النهضة الحسينية.
وليس من دوافع النهضة الحسينية أيضا خروج الحسين عليه السلام طلبا للثأر والانتقام من بني أمية الذين لا تزال في نفوسهم أحقاد بدرية وخيبرية وحنينية، فإن ذلك أبعد ما يكون عن بيت الرسالة والنبوة الذي قال جدهم لجد بني أمية أبي سفيان رغم أنه كانت له اليد الطولى آنذاك ليقتلهم ويفعل بهم الأفاعيل، إلا أنه قال لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء).
وليست من دوافع النهضة الحسينية خروج الحسين عليه السلام طلبا للحكم والرئاسة كما ادعى بعضهم، وإن من يخرج طلبا للكرسي أو المال ليس من أهل هذا البيت الذين اعتادوا التقشف في المعيشة وعيش حياة الزهد في الدنيا حتى وهم حكام لهذه الأمة.
مواضيع مشابهة
رحيق المجالس – 1- نهضة الإمام الحسين عليه السلام في سبيل الله