فطرة الله – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
إن الخطاب الإلهي في الآية الكريمة وإن كان موجه للنبي صلى الله عليه وآله إلا أن المخاطب الفعلي هو كل الامة وليس فقط شخص النبي صلى الله عليه وآله، والمقصود من الآية أن أقم وجهك للدين أي أقم تعاليم الدين كما أنزلت وباستقامة، واجعل همك وتوجك للدين باعتباره الوصفة التي أنزلها الله تعالى لإصلاح الأرض ومن عليها.
فالدين هو مجموعة من النصوص التي تحفظ للخلق أجمعين سلامة المعاش في الدنيا وسلامة المعاد في الآخرة، وليس معنى الالتزام بالدين عدم الانفتاح على بقية الثقافات، بل الإسلام حرض على العلم النافع أينما كان وعند أي من الثقافات والشعوب كان، ولكن يجب على المؤمن أولاً أن يحفظ دينه ويحصن عقائده حتى يعلم تكليفه في حال اصدم ما يخالف فطرته وعقديته مع بعض العقائد الأخرى.
وإن الدين الإسلامي هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فالديانات السماوية نسخت بالإسلام، والديانات الأرضية منشؤها البشر نفسهم في المقابل لا يمكن اجتماع تشريع جاء به من هو مطلق الكمال والعلم والقوة وهو الباري عز وجل وبين تشريع جاء به من عقله وعلمه ناقص، بل يتحكم بعقله مشاعره وأحاسيسه من الحب والبغض والنشوة والغضب وغيرها.
فالله تعالى من خلال دينه وعن طريق أنبياءه كان هدفه صنع الإنسان والارتقاء بعقله وكرامته، بينما الأديان الأرضية تحط من قيمة العقل عندما تأمر شخص قد يمتلك عقلية عبقرية أو يكون عالم في مجال ما، تجده يسجد لصنم من خشب أو حديد أو حجر لا يملك دفع الضرر عن نفسه حتى يدفعه غيره.
والفطرة يعرفها العلماء أنها: قابلية تقدر على تمييز الخير من الشر يودعها الله في ضمير كل فرد، فهي تقدر في حال عدم تلويثها على التمييز بين الخير والشر وما هو حسن وما هو سيء، ولكن المجتمع إنما أن يحافظ وينمي فطرة الفرد التي ولد عليها أو يطمسها ويلوثها بالشرك والمعصية.