قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

حق القربى في القرآن – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله

تفسير الآية: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا)

مفهوم “الحق” في الآية

يُلفت النظر في هذه الآية الكريمة أن الله تعالى عبّر عن العطاء بكلمة “حق”، ولم يستخدم ألفاظًا أخرى مثل “صدقة” أو “إحسان”. هذا التعبير يشير إلى أن ما يُمنح لذوي القربى والمسكين وابن السبيل ليس تفضّلًا أو كرمًا، بل هو واجب وحق مستحق يجب أداؤه. استخدام صيغة الأمر “وَآتِ” يوضح أن هذا التكليف إلهي، ولا مجال للتهاون فيه.

حكمة الشريعة في تأكيد دفع الحقوق

شددت الشريعة الإسلامية في كثير من الآيات والأحاديث على أهمية دفع الحقوق الشرعية؛ لأن ذلك يهدف إلى تحقيق التوازن المالي والاجتماعي. فلا يمكن للشريعة أن تقبل وجود فقراء يعانون من الجوع والحاجة، بينما يبذر الأثرياء أموالهم في الكماليات أو المحرمات.

قال الله تعالى:

“كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ” (الحشر: 7)

وهذا التوجيه الإلهي يعكس إرادة الشريعة في تحقيق العدالة الاجتماعية.

ذوو القربى: الحقوق بلا تفريق

فسّر العلماء “ذوي القربى” بأنهم الأقرباء والأرحام. ومن اللافت أن الآية لم تميز بين الأقارب الذين تجمعهم المحبة والمودة، وبين من توجد بينهم خصومات وعداوات. الحقوق لا تسقط بالخلافات، وإنما هي مسؤولية على المسلم أداؤها تجاه أقربائه بغض النظر عن طبيعة العلاقة.

موقف الأئمة من أداء الحقوق

كان الأئمة المعصومون (عليهم السلام) مثالًا عمليًا في أداء الحقوق، حتى تجاه من ظلمهم أو أساء إليهم.

فعن الإمام الصادق (عليه السلام) عند وفاته، أوصى بإعطاء المال لأحد أقربائه الذي حاول قتله. عندما استنكرت مولاته ذلك، أجاب مستشهدًا بقول الله تعالى:

“وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ” (الرعد: 21)

تفسير خاص بالآية: قضية فدك

يروي الحديث عن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) أن آية “وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ” نزلت لتأمر النبي (صلى الله عليه وآله) بإعطاء “فدك” لفاطمة الزهراء (عليها السلام). لم تكن “فدك” غنيمة حرب بل كانت مما أفاء الله على نبيه دون قتال، فكانت ملكًا خالصًا للنبي، وقد أمره الله بدفعها كحق مستحق لفاطمة (عليها السلام).

خلاصة الرسالة من الآية

العدالة الاجتماعية: الإسلام يسعى لإرساء نظام اجتماعي متوازن يحفظ حقوق الجميع.

أداء الحقوق واجب: ما يُعطى للأقرباء أو المحتاجين ليس منة بل واجب شرعي وأخلاقي.

القدوة الحسنة: تطبيق الأئمة لهذه التعاليم يعكس نموذجًا عمليًا يُحتذى به.

خاتمة:

على كل مسلم أن يراعي أداء الحقوق الشرعية، سواء كان ذلك للأقرباء، للمحتاجين، أو للمجتمع عمومًا. فالعمل بهذا المبدأ يعزز الروابط الاجتماعية ويحقق البركة في المال والحياة.

مواضيع مشابهة

الحوراء الإنسية – 21- إخبار النبي بمظلومية الزهراء

فاطمة الزهراء (ع) اسوة وقدوة