مواريث الأنبياء – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)
إن الثروة المادية عادة إما تقع بيد من يحافظ عليها ويستثمرها في الخيرات وإما أن تقع بيد من يبذرها في المحرمات ويفنيها في الموبقات.
شرح الآية الكريمة
طلب الولد الصالح
(وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي): يُظهر النبي زكريا (عليه السلام) قلقه من الأقارب والورثة الذين قد لا يكونون على نفس النهج الصالح الذي يسير عليه. لذلك، يسأل الله أن يرزقه وريثًا صالحًا يخلفه في دعوته ويحافظ على الرسالة.
(وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا): يشير النبي زكريا (عليه السلام) إلى أن زوجته عاقر لا تلد، ولكنه يأمل في قدرة الله ورحمته أن يمنحه ابنًا يكون وليًا له.
الإرث الروحي والمادي
(يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ): النبي زكريا (عليه السلام) يطلب من الله أن يكون هذا الولد وارثًا له ولآل يعقوب، ليس فقط في المال والممتلكات، بل في العلم والحكمة والدعوة إلى الله. الإرث هنا يتجاوز المادة ليشمل القيم والمبادئ الدينية.
(وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا): يختم النبي زكريا (عليه السلام) دعاءه بأن يكون هذا الولد مرضيًا عند الله، محافظًا على الأخلاق والقيم الصالحة.
قضية فدك ومنع السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) من حقها
قصة فدك: فدك كانت قطعة أرض أهداها النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لابنته السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كحق لها. بعد وفاة النبي، قام البعض بمصادرة هذه الأرض واعتبارها جزءًا من مال الدولة الإسلامية، مما أدى إلى جدل كبير حول حقوق السيدة فاطمة (عليها السلام).
القلق على استمرارية الدعوة
ضمان استمرارية الرسالة: مثلما كان النبي زكريا (عليه السلام) يسعى لضمان استمرارية الدعوة من بعده، كان للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نفس القلق على مستقبل الرسالة من بعده. السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وأبناؤها كانوا هم الامتداد الحقيقي لنهج النبي وتعاليمه.
الإرث الروحي
نقل القيم والمبادئ: مثلما طلب النبي زكريا (عليه السلام) وريثًا يرث منه العلم والحكمة، كانت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي التي نقلت القيم والمبادئ الإسلامية لأبنائها، لتظل هذه القيم حية ومتجددة في كل جيل.
أهمية التربية الصالحة: السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تعتبر مثالًا رائعًا للأم الصالحة التي تربت أبناؤها على القيم الإسلامية الصحيحة، مما جعلهم قادة في نشر الدعوة الإسلامية.
الظلم الذي وقع على السيدة الزهراء
منعها من حقها في فدك: منع السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) من حقها في فدك كان ظلمًا كبيرًا، لم يؤثر فقط على السيدة فاطمة بل على مستقبل الرسالة الإسلامية ككل. السيدة فاطمة (عليها السلام) دافعت عن حقها بشدة، ولكنها واجهت العديد من الصعوبات والمشاكل.
خاتمة:
الآية الكريمة (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) تبرز أهمية الدعاء للذرية الصالحة التي تكون أمينة على القيم والمبادئ. يمكننا ربط هذا الدعاء بقضية السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) التي كانت خير مثال للابنة والأم التي حملت رسالة النبي ونقلتها عبر الأجيال. منع السيدة فاطمة من حقها في فدك يعكس حجم الظلم الذي تعرضت له، ويذكرنا بأهمية العدالة في توزيع الحقوق الشرعية وحماية القيم والمبادئ الإسلامية.
