قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

إبراهيم عليه السلام وأبوه آزر – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله

تُعد قصة إبراهيم عليه السلام مع أبيه آزر واحدة من أبرز القصص القرآنية التي تحمل دروسًا وعبرًا عميقة. هذه القصة ليست مجرد سرد تاريخي، بل تسعى لتربية أجيال وفق المبادئ الإيمانية. إلا أن بعض المستشرقين والمنتقدين أثاروا تساؤلات حول دقة النص القرآني بشأن نسبة آزر كأب لإبراهيم عليه السلام. في هذا المقال، سنناقش هذه الإشكالية ونوضح الرؤية الإسلامية استنادًا إلى النصوص الشرعية.

القصة في القرآن الكريم

قال الله تعالى:
“وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصنامًا آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين” (الأنعام: 74).
توضح الآية موقف إبراهيم عليه السلام وهو ينصح أباه آزر الذي كان يعبد الأصنام. هذه القصة تقدم نموذجًا في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى مع أقرب الناس.

إشكالية نسبة آزر كأب لإبراهيم

يثير بعض المستشرقين وأتباع الديانات الأخرى إشكالية تتعلق بنص الآية، حيث يُعرف من التوراة أن والد إبراهيم عليه السلام يدعى “تارخ” أو “تارح”. ويزعم هؤلاء أن القرآن أخطأ في ذكر اسم “آزر” كأب لإبراهيم.

الرد على الإشكالية

  1. استخدام لفظ “الأب” بمعنى “العم”:
    في اللغة العربية، قد يُطلق لفظ “الأب” على العم. فالعم، بحكم قربه من الأسرة، يُعتبر بمثابة الأب، خاصة إذا كان يقوم برعاية أبناء أخيه.
  2. شواهد قرآنية ولغوية:
    • في قوله تعالى: “قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق” (البقرة: 133)، يُشار إلى إسماعيل كأب، رغم أنه عم أبناء يعقوب.
    • النبي محمد صلى الله عليه وآله قال عن عمه العباس في بدر: “ردوا لي أبي”، مع أنه عمه.
  3. تنزيه مقام النبوة:
    الإسلام ينزه الأنبياء عن أن يتحدروا من أصل مشرك أو صلب نجس. الله عز وجل قادر على أن يجعل نسب النبي صلى الله عليه وآله طاهرًا. قال تعالى: “وتقلبك في الساجدين” (الشعراء: 219)، وهو إشارة إلى انتقال النبي بين أصلاب طاهرة وأرحام مطهرة.

العلاقة الأسرية في القصة

تشير القصة إلى أهمية صلة الرحم والعلاقات الأسرية في الإسلام، حيث تُظهر كيف تعامل إبراهيم عليه السلام مع والده بحكمة واحترام، رغم اختلافه العقائدي معه.

دروس وعبر من القصة

  1. الحكمة في الدعوة إلى الله:
    إبراهيم عليه السلام قدّم نموذجًا راقيًا في الدعوة، حيث واجه أباه بالحسنى، وبيّن ضلاله بأسلوب عقلاني.
  2. التأكيد على نقاء نسب الأنبياء:
    النص القرآني يعكس عقيدة التنزيه للنبي وأصله الطاهر.
  3. أهمية فهم اللغة والسياق:
    الالتباسات اللغوية مثل استخدام “الأب” بمعنى “العم” تؤكد الحاجة إلى دراسة النصوص بلغة وسياق زمانها.

الخاتمة

قصة إبراهيم عليه السلام وأبيه آزر تحمل معاني تربوية عظيمة ودروسًا في العقيدة، الدعوة، وصلة الرحم. الإشكاليات التي يثيرها بعض المنتقدين تنبع غالبًا من جهل بالسياق اللغوي والثقافي للقرآن الكريم. لذا، تبقى هذه القصة دعوة للتأمل العميق في النصوص الشرعية، بعيدًا عن الأحكام السطحية.

مواضيع مشابهة

نهج الأنبياء -8- المنهج الدعوي عند إبراهيم ع

معالم المدرسة الإبراهيمية