حكم شرب الفقاع – السيد صباح شبر
في هذه الحلقة نسلّط الضوء على مسألةٍ قد يظنّها بعض الناس بسيطة، لكنها في الواقع تكشف عن عمق الانتماء والتميّز في منهج أهل البيت عليهم السلام، وهي حكم شراب الفقاع الذي ورد النهي عنه في أحاديث متعددة، ليس فقط من جهة التحريم الفقهي، بل أيضًا من جهة رمزيته الاجتماعية والعقائدية، كونه كان من شعارات أعداء أهل البيت عليهم السلام.
نص الروايات:
عن أبي الصلت الهروي قال:
سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول:
(أول من اتخذ له الفقاع بالشام يزيد بن معاوية لعنهما الله، فاحضر وهو على المائدة وقد نصبها على رأس الحسين عليه السلام، فجعل يشربه ويسقي أصحابه، إلى أن قال: فمن كان من شيعتنا فليتورع عن شرب الفقاع، فإنه شراب أعدائنا، فإن لم يفعل فليس منا).
العيون، ج2، ص102 – وسائل الشيعة، ج25، ص323
وروى الصدوق عن الصادق عليهالسلام قال:
(أوحى الله إلى نبيٍّ من الأنبياء: قل للمؤمنين لا تلبسوا لباس أعدائي، ولا تطعموا مطاعم أعدائي، ولا تسلكوا مسالك أعدائي، فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي).
الخصال، ج1، ص27 – وسائل الشيعة، ج25، ص322
وعن ابن فضّال قال:
(كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الفقاع، فقال: هو الخمر، وفيه حدّ شارب الخمر).
تهذيب الأحكام، ج9، ص124 – وسائل الشيعة، ج25، ص327
محاور الحلقة:
ماهية الفقاع وحكمه الشرعي: ما المقصود بالفقاع لغةً وشرعًا؟ كيف شبّه الأئمة عليهم السلام الفقاع بالخمر؟ ما الدليل على أن فيه “حد شارب الخمر”؟ هل يختلف الحكم باختلاف نسبة الكحول أو درجة الإسكار؟
البعد العقائدي والرمزي في تحريمه: لماذا ربط الإمام الرضا عليه السلام الفقاع بيزيد بن معاوية؟ كيف يتحوّل الشراب من مسألة فقهية إلى عنوان ولائي؟ ما معنى قوله عليه السلام: «فإن لم يفعل فليس منا»؟ هل يُعدّ اجتناب الفقاع جزءًا من مبدأ الولاء والبراء؟
التشبه بأعداء الله في السلوك الاجتماعي: كيف يتجلى مفهوم “عدم التشبه” في حياة المؤمن؟ ما أثر تناول ما اشتهر عند أهل الفسق والعداء في تهذيب النفس؟ هل في هذا التميّز انعزال عن المجتمع أم حفاظ على الهوية الدينية؟
يتضح من مجموع الروايات أن تحريم الفقاع ليس مجرد حكم فقهي يختص بالأشربة، بل هو ميثاق ولاءٍ يربط المؤمن بأئمته ويبعده عن رموز الانحراف.
إن ترك هذا الشراب هو إعلان انتماء ووفاء، ودليل تربية إيمانية ترى في تفاصيل الحياة اليومية ساحةً للتميّز في حب الله وأوليائه والبراءة من أعدائه.

