قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

الذين أنعمت عليهم – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله

جاء في سورة الفاتحة: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ)، وهي آية عظيمة تحمل معاني الهداية والرفقة الصالحة في الدنيا والآخرة. فالصراط المستقيم هو طريق الحق، وأما “الذين أنعم الله عليهم” فقد فُسِّروا في القرآن الكريم بقوله تعالى:

(وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا).

 

سبب نزول الآية:

ورد أن رجلًا من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال:

“يا رسول الله، ما أستطيع فراقك، وإني لأدخل منزلي فأذكرك، فأترك ضيعتي وأقبل حتى أنظر إليك حبًا لك. فذكرت إذا كان يوم القيامة فأدخلت الجنة فرفعت في أعلى عليين فكيف لي بك يا نبي الله؟”

فنزلت الآية لتبشره بأن من أطاع الله ورسوله فهو في رفقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهي أعظم بشرى للمؤمنين.

 

حاجة الإنسان إلى الرفيق:

تؤكد هذه الرواية أن الإنسان لا يستغني عن الرفيق في مسيرته، لا في الدنيا ولا في الآخرة.

فالقرآن الكريم يصور أهل الجنة في حالة اجتماع وأنس: (إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ).

فالإنسان يأنس بغيره ويأنس به غيره، ومن يفقد رفاقه يذوق مرارة الغربة والوحشة، حتى يتمنى اللحاق بهم. ولذا، فإن أعظم رفيق لا يفارق العبد هو الله عز وجل، الذي يأنس المؤمن بلقائه والوقوف بين يديه في الصلاة والدعاء.

 

المساواة بين المؤمنين في الجنة:

من الدروس المستفادة أن المؤمنين في الجنة تزول بينهم الفوارق الدنيوية، فهم في نعيم واحد ورفقة واحدة. بل إن الله تعالى يكرم رفيق المؤمن الصالح بأن يجعله معه في درجته من الجنة، فيجتمعون كما كانوا في الدنيا على طاعة الله وذكره.

 

غربة سيد الشهداء عليه السلام:

من أبلغ صور الغربة ما جرى مع الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، حينما فقد أنصاره وأهل بيته، فوقف على مصارعهم ينادي:

“ويا أبطال الصفا، ويا فرسان الهيجاء، مالي أناديكم فلا تجيبوني، وأدعوكم فلا تسمعوني؟!”

لقد كان ذلك الموقف ذروة الغربة، لكنه أيضًا ذروة الثبات والأنس بالله، حيث لم يبقَ للحسين عليه السلام إلا رفيق لا يغيب، وهو الله جل جلاله.

 

خلاصة:

الصراط المستقيم هو طريق الحق الذي يسلكه النبيون والصالحون.

حاجة الإنسان إلى الرفيق أمر فطري يتجاوز الدنيا إلى الآخرة.

أعظم رفيق يبدد الوحشة هو الأنس بالله تعالى.

في الجنة تزول الفوارق ويجتمع المؤمنون في نعيم دائم.

كربلاء كانت تجسيدًا للغربة الكبرى، لكنها في الوقت نفسه أعظم درس في الثبات على الصراط المستقيم.

 

مواضيع مشابهة

منن السماء -1- النعم الإلهية

أحاديث في الشكر