فبعث الله غرابا يبحث في الأرض – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ).
يذكر بعض المفسرين من العامة قصة حول سبب قتل قابيل لأخيه هابيل، فكان السؤال الذي اختلف الكثير في الجواب عنه هو: أن آدم عليه السلام باعتباره الإنسان الأول على الأرض فأبناؤه ممن تزوجوا؟! فكان الأمر حسب تفسيرهم أن يتزوج قابيل من توأم هابيل ويتزوج هابيل من توأم قابيل، بينما كان قابيل يريد الزواج من اخته التي هو وإياها من حمل واحد.
وهذا المعنى غير مقبول لا شرعاً ولا عقلاً، فالعلة المنصوصة على حرمة زواج المحارم لا تتغير بزمن من الأزمان، منها أن النسل سيحمل تشوهات ومنها أن النفس السليمة لا تتقبل مثل هكذا أمر، فهل الله الذي خلق لآدم حواء هل يعجز على أن يخلق زوجات لآولاد آدم حتى يبقى نسلهما سليماً، وتتقبل نفس كل منها العلاقة مع زوجته؟!.
وبعض آخر من المفسرين قال أن الله زوج الأول من حورية أنزلها له من الجنة والآخر زوجه من جنية، وهذا الأمر وإن كان على النفس أكثر مقبولية من الرآي الأول إلا أن العقل لا يتقبل مثل هذا الأمر، ولكن يبقى أفضل من الرأي الذي يقول بزواج أولاد آدم من أخواتهم، ولكن بكل الأحوال جريمة قتل قابيل لأخيه هابيل قد وقعت، فإنه أول من يساق إلى جهنم هو قابيل، لأنه أول من سن سنة القتل حسب ما ذكرت بعض الروايات.
فبعد قتل أخاه تحير في جثمانه حتى رأى غرابان يتقاتلان حتى قتل أحدهما الآخر فحفر الأول حفرة ودفن بها الغراب المقتول، وهنا تعلم ابن آدم دفن الميت، وكانت هذه من نعم الله على الإنسان أن جعل الله الأرض ستراً لبني آدم بعد موته.
فقد روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أنه قال: (امتن الله على ابن آدم بثلاث بعد ثلاث: بالريح بعد الروح، فلولا أن الريح يقع بعد الروح ما دفن حميم حميما، وبالدود في الجثة، فلولا أن الدود يقع في الجثة لاكتنزتها الملوك وكانت خيرا لهم من الدراهم والدنانير، وبالموت بعد الكبر، وإن الرجل ليكبر حتى يمل نفسه ويمله أهله وولده وأقرباؤه فكان الموت أستر له).
نعي مصيبة دفن الإمام الحسين عليه السلام وشهداء الطف