علة التفاوت بالرزق – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
الرزق من أهم نعم الله على عباده، وقد أشار القرآن الكريم إلى تفاوت الناس في الرزق فقال سبحانه: (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ). والرزق هنا لا يقتصر على المال فقط، بل يشمل الجمال، والصحة، والعلم، وقوة البدن، والقدرات العقلية، وكل ما هو مشروع ومبارك من الله تعالى.
التفاوت بالرزق وحكمته:
الله تعالى خلق الناس متفاوتين في الرزق ليظل المجتمع متواصلاً ومتعاوناً، فالغني يحتاج إلى جهود الفقراء لتسيير أعماله، والفقير يحتاج إلى المال أو الدعم المادي من الغني، وقوة البدن والعقل والعلم تجعل الفرد عنصرًا فعالًا في المجتمع يخدم غيره ويأخذ رزقه. هذا التفاوت يرسخ فكرة التكافل الاجتماعي ويؤكد على أن كل نعمة هي مسؤولية يجب أن تُستخدم في الخير.
ضريبة الرزق وحقوقه:
لكل نوع من الرزق ضريبة وحق في الإسلام:
المال: زكاة، خمس، صدقات.
القوة البدنية: إعانة الضعفاء والمحتاجين.
العلم: تعليم الآخرين وتوعيتهم.
الجاه والمكانة: قضاء حوائج المؤمنين والتعاون معهم.
فعن الإمام الحسن عليه السلام أنّه خرج يطوف بالكعبة فقام إليه رجل يستنجد بحاجته، فترك الطواف وقضى حاجته، وأوضح أن هذا العمل يُكسب الإنسان حجة وعمرة، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله: (من ذهب في حاجة أخيه المسلم فقضيت حاجته كتبت له حجة وعمرة وإن لم تقض له كتبت له عمرة. فقد اكتسبت حجة وعمرة ورجعت إلى طوافي).
أحكام التعامل مع الرزق:
الله عز وجل يكفل للعبد رزقه عبر وسطاء، فلا ينقص منه شيء، فعلى الإنسان أن يلتزم بالعدل في التعامل مع الآخرين وأخذ حقه أو أجره. قال الإمام الصادق عليه السلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يستعمل أجيراً حتى يعلمه ما أجره)، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، وأعلمه أجره وهو في عمله).
خاتمة:
التفاوت في الرزق حكمة إلهية تؤكد على الترابط بين الناس وضرورة التعاون، كما يضع أمامنا مسؤولية استخدام هذه النعم فيما يرضي الله. كل رزق مشروع له حق وواجب، ومن اتبع هذه القواعد في حياته نجح في الدنيا وحصل على الثواب العظيم في الآخرة، لأن الله لم يخلق التفاوت عبثًا بل ليحقق التكافل والتعاون بين البشر.