مكانة الكعبة المشرفة – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)
إن للكعبة المشرفة مكانة في قلوب المسلمين، فهي منطلق دينهم وعقيدتهم وإليها تتوجه قلوبهم كل يوم خمس مرات، ولها عند الله مزايا عديدة، فقد حرم الصيد فيها وأمن طيرها وحرمها على كل كافر، ولا يخرج المستأمن منها ولا يدخلها إلا محرم، وإن ثواب الصلاة فيها يضاعف بمائة ألف صلاة.
وإن قريش من شدة كفرها وحربها على النبي صلى الله عليه وآله، كانت تمنع المسلمين من الصلاة في المسجد الحرام، وكانت تصدهم بعد الهجرة النبوية عن اللحاق برسول الله صلى الله عليه وآله.
ومن طرق صد المؤمنين عن المسجد الحرام في عصرنا هذا هو إثارة الشبهات حول الذهاب للحج والعمرة، فمرة تكون بحجة إهدار المال بتكاليف السفر وتوفيرها للفقراء ومرة بحجة أن الله موجود بكل مكان وبالإمكان التوجه له سبحانه في أي بقعة على وجه الأرض.
ولكن من تنطلي عليهم تلك الشبهات لم يعلموا أن فلسفة الحج أكبر من تلك الشبهات، فهي أعظم اجتماع للمسلمين وأكبر مؤتمر لوحدتهم، ففيها ينبغى أن يتبادل المسلمون آراءهم ويغسلون تلك الأضغان التي رزعها الأعداء بينهم في سبيل تفرقتهم، فإن ذلك هو نداء رب العزة لجميع المسلمين عندما قال: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، فهدف أولائك الأعداء من وضع تلك الشبهات هو الصد عن سبيل الله والمسجد الحرام لأجل تفرقة الأمة الإسلامية.
بالإضافة إلى أن الحج فرصة ثمينة للتعرف على ثقافة الشعوب الإسلامية ومشاكلها وهمومهم وأحلامهم، وفي ذلك تجسيد لقول الله تعالى: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، ومن المنافع العظيمة هي الوقوف على آثار النبي والمسلمين الذين كانوا معه، وتذكرنا أيضاً بتضحياتهم في سبيل الدعوة الإسلامية، ذلك الأمر الذي يبعث في أنفسهم مشاعر الفخر والاعتزاز ويدفعهم للسير على خطاهم.
ولا ينسى المسلمون ذكرى فتح مكة وذلك العفو الإنساني النبوي الذي شمل كل من آذى الرسول وحاربه ومنهم أبا سفيان عندما قال نبي الرحمة صلى الله عليه وآله: (من دخل دار أبا سفيان فهو آمن)، ولكن وليس كل أرض نزل عليها المطر أنبتت، فما كان ردهم للجميل إلا أن نادوا: (أحرقوا بيوت الظالمين).
نعي مصيبة الإمام الحسين عليه السلام