قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

صور الصد عن سبيل الله – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله

لا يجد قلب المسلم مكاناً أعظم ارتباطاً به من مكة المكرمة، فهي مهد الدعوة الإسلامية ومنطلق صوت التوحيد. إن الحج ليس مجرد عبادة، بل هو شد الروح والقلب إلى مصدر الإسلام الأول، ولذلك اعتبرها القرآن الأم الروحية لكل مسلم، فهي التي تشد المسلمين جميعاً إلى معاني التوحيد والإيمان بالله وحده لا شريك له.

يصف القرآن الكفار في عدة آيات وكأنهم خرجوا من دائرة الإنسانية، فالذي يكفر بالله لا يضر الله تعالى، ولكنه يضر بفطرته وعقله، ويهبط بإنسانيته إلى مستوى البهائم. وقد نزلت الآية الكريمة:

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ …﴾

في سياق كفار قريش الذين منعوا المسلمين من أداء شعائر الحج في واقعة الحديبية، وأيضاً منعوا المسلمين الأوائل من دخول مكة المكرمة للالتحاق بالنبي صلى الله عليه وآله، فكانوا بذلك قد صدوا عن سبيل الله مرتين. وهذا يوضح أن الصد عن سبيل الله ليس مجرد فعل مادي، بل موقف عقلي وفكري يعكس رفض الإنسان لطاعة الله وحقه في عبادته.

 

الصد عن سبيل الله اليوم:

حتى في عصرنا الحاضر، هناك من يصدر عن سبيل الله فكرياً. كثير من المنتقدين يهاجمون الحج ومناسكه، ويصفونها أحياناً بالخرافة، وأحياناً بحجة أن أموال الحج لو أُنفقت على الفقراء لكان ذلك أنفع. ولكن الحقيقة أن الحج والمناسك لها أبعاد روحية واجتماعية عظيمة، فهي تصقل النفوس، وتعلم المسلم الصبر والتقوى، وتربطه بصلات المسلمين جميعاً عبر الزمان والمكان، وتذكّر الإنسان بأن الله وحده هو المهيمن على كل شيء.

 

حرمة المسجد الحرام وأهمية الاحترام:

سُمّي المسجد الحرام بهذا الاسم لأن الله تعالى حرّم فيه بعض الأمور، ومنها صيد الحيوانات حتى ولو كانت من السباع، ومنع أي شخص من دخوله دون الإحرام، وجعل حرمة فعل الحرام فيها مضاعفة. بل حتى نية الحرام تُعتبر محظورة في مكة، بينما لا تُحاسب في غيرها إلا إذا تم تنفيذها. وهذه الحرمة تعكس تقديس الله لمكانه المقدس الذي يربط القلوب بالإيمان ويجعل منه مركز وحدة المسلمين.

 

وفي الختام:

إن صدّ الكفار عن سبيل الله ومنعهم المسلمين من الحج هو مثال على غياب الإنسانية أمام الكفر والعناد، أما اليوم فإن صدّ الناس عن سبيل الله يظهر بأشكال فكرية ونقدية، ولكن جوهر الخطر واحد: صدّ الناس عن طاعة الله وقطع صلتهم بالحق. ومكة المكرمة والمسجد الحرام يظلان رمزاً للوحدة والقداسة والرباط الروحي لكل مسلم، والاحترام الكامل لشعائرها وحرمتها واجب على كل مسلم، لأنها من أعظم علامات التوحيد في الأرض، وامتثال لأوامر الله تعالى، وأيضاً تذكير للقلوب بأن الله هو المهيمن والرزاق والهادي إلى سواء السبيل، وأن الوقوف بين يديه بالخشوع والطاعة هو أعلى درجات القرب منه.

مواضيع مشابهة

خير الزاد – 994 – فتح مكة المكرمة

أحاديث في فضل مكّة وأسمائها وعللها