مشروعية التوسل – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاء وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ).
تحليل الآية الكريمة
الآية الكريمة (وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاء وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ) تشبه حال الكفار والمنافقين بالأموات، أي أنهم مهما جاهدت بالنصيحة معهم، فهم كالأموات الذين خُتم على أسماعهم وأبصارهم. يدعي ابن تيمية وأتباعه أن التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين من الذين مضوا إلى جوار ربهم هو شرك، ويعتبرونه تكلمًا مع من لا يسمع.
الفهم الصحيح للآية
الآية لا تنفي حقيقة السمع لدى أهل القبور، ولكنها تشير إلى عدم قدرة من في القبور على ترتيب الأثر على الكلام الموجه لهم. بمعنى آخر، حينما نقول “فلان لا يسمع كلامي”، نعني بذلك أنه لا يرتب الأثر على ما يُقال له، وليس أنه لا يسمع بشكل فعلي.
في الواقع، الجسد هو ما يتحول إلى تراب، بينما الروح لا تذهب للفناء بل تذهب للخلود. عندما نقف على قبر أحد ونسلم عليه، فإننا نسلم على روحه
الأحاديث والروايات الدالة على التوسل
وردت العديد من الأحاديث حول جواز زيارة القبور والتوسل بالأولياء. وفي هذا السياق، نجد أن الكثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله كانوا يزورون قبره الشريف ويتوسلون إلى الله عند حضرته المباركة. كذلك، الأئمة الأربعة عند أهل السنة كانوا يرون جواز ذلك، بل كانوا يزورون قبور بعضهم البعض.
الشافعي كان يزور قبر مالك.
ابن حنبل كان يزور الشافعي.
أحد أكبر شيوخ الحنابلة، أبو علي الخلال، كما ذكر عنه الخطيب البغدادي في تاريخه، قال: “ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر عليهما السلام وتوسلت به إلا سهل الله لي ما أحب”.
خاتمة
نخلص إلى أن التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين ليس شركًا، بل هو ممارسة قد أقرها الكثير من العلماء وأصحاب النبي صلى الله عليه وآله. الفهم الصحيح للآية القرآنية يُظهر أن المقصود ليس عدم سماع الأموات، بل عدم قدرتهم على ترتيب الأثر على الكلام الموجه لهم. يجب علينا دائمًا أن نتبع الفهم الصحيح للنصوص الدينية والاستفادة من تعاليم العلماء في هذا المجال.