أصحاب الجنة وأصحاب النار – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)
إن هذه الآية وآيات عديدة في القرآن الكريم عندما تطرق لما سيحدث في يوم الحساب وما بعده تذكر تلك الوقائع بصيغة الماضي وكانها فعلاً وقعت وتحققت، والسبب أن القرآن يذكر أحداث يوم القيامة بهذه الصيغة للدلالة على حتمية وقوعها، فالجنة الآن موجودة والنار أيضاً موجودة ويوم القيامة وإن لم يحن وقته بعد إلا أنه حتماً سيأتي يوم وسيبعثون الناس للحساب وسيقسمون إلى قسمين وهم أصحاب الجنة وأصحاب النار.
وفي تفسير هذه الآية روى بعض المحدثين عن ابن عباس قال:قدم يهوديان فسألا أمير المؤمنين عليه السلام فقالا: أين تكون الجنة؟ وأين تكون النار؟ قال: (أما الجنة ففي السماء، وأما النار ففي الأرض)، وبهذا يتبين معنا عن إمكانية التواصل بين أهل الجنة وأهل النار رغم هذه المسافة الشاسعة بينهم، وهذا الأمر قد يكون مستغرباً في الماضي، أما اليوم مع سهولة وسائل التواصل التي أوجدها الإنسان فلا يستغرب من وجود شبيه تلك الوسائل يوم القيامة.
وفي قوله تعالى: (قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا) قد يرد إشكال أن الوعد يطلق على الأمور الحسنة والتي فيها خير فيكف في هذه الآية يطلق لفظ الوعد على النار؟ والجواب على هذا أن العذاب الإلهي هو بحد ذاته خير، فهو من جهة تطهير للذنوب ومن جهة أخرى أخذ بحق المظلومين من الظالمين، فالله لا يعذب أحد من باب التشفي، والله تعالى أيضاً لا يصدر منه إلا الخير المطلق.
وأما المؤذن الذي ذكر في الآية فقد ورد فيه ثلاث آراء: الأول قال أنه مالك خازن النيران، والرأي الثاني أنه الملك الذي ينفخ في الصور، والثالث أن المؤذن هو ملك مخصص في الأذان، وأما ما روي عن أهل البيت عليهم السلام ومنهم مارواه الكافي عن أحمد بن عمر الحلال أنه قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول تعالى: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) قال: (المؤذن أمير المؤمنين عليه السلام).
مواضيع مشابهة
ليتفقهوا في الدين – علوم القرآن في رواية أمير المؤمنين (ع) -39- آيات الوعد والوعيد