قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

أصحاب الجنة وأصحاب النار – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله

يقول تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُّمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ۚ قَالُوا نَعَمْ ۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [الأعراف: 44].

اللافت أن القرآن الكريم يستعمل صيغة الماضي عند الحديث عن مشاهد يوم القيامة، مع أن وقوعها لم يحن بعد. وهذا الأسلوب يشير إلى حتمية الوقوع، فالجنة والنار موجودتان الآن، ويوم الحساب وإن تأخر زمنه، إلا أنه آتٍ لا محالة.

 

وجود الجنة والنار والتخاطب بين أهلهما:

ورد في تفسير الآية أن الجنة في السماء والنار في الأرض، كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام حين سأله يهوديان عن موضعهما. ورغم التباعد بينهما، إلا أن الآية تثبت إمكانية التواصل بين أهل الجنة وأهل النار، وهو أمر قد يبدو غريبًا لمن عاش في الأزمنة القديمة، لكنه اليوم أصبح قريبًا للفهم مع تطور وسائل التواصل التي ابتكرها الإنسان، فما بالك بعالم الآخرة وقدراته اللامحدودة؟

 

الوعد الإلهي: خير حتى في العذاب:

قد يُشكل على البعض كيف يستعمل القرآن لفظ الوعد في سياق النار، مع أن الوعد غالبًا يرتبط بالخير. والجواب أن العذاب الإلهي في حقيقته خير مطلق، فهو تطهير للذنوب من جهة، وإنصاف للمظلومين من جهة أخرى. فالله تعالى لا يعذب من باب الانتقام أو التشفي، وإنما من باب العدل والحكمة، وما يصدر عن الله لا يكون إلا خيرًا.

 

المؤذن في الآية: من هو؟

تعددت الأقوال في هوية المؤذن الذي ينادي بين أصحاب الجنة والنار:

قيل إنه مالك خازن النار.

وقيل هو الملك الموكل بالنفخ في الصور.

وقيل هو ملك مخصوص بالأذان.

لكن في روايات أهل البيت عليهم السلام ورد أن المؤذن هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، كما جاء في رواية الكافي عن الإمام أبي الحسن (عليه السلام). وهذا يكشف عن المقام العظيم الذي يحمله ولي الله يوم القيامة في بيان الفصل بين أهل الحق وأهل الباطل.

 

خلاصة:

إن الآية الكريمة ترسم مشهدًا مهيبًا من مشاهد يوم القيامة، حيث يظهر الفصل النهائي بين أهل الجنة وأهل النار. استخدام صيغة الماضي في وصف المستقبل ليس مجرد أسلوب بلاغي، بل هو إشارة إلى أن الأمر محسوم ومقطوع به، فالجنة والنار حق، والجزاء حق، وما وعد الله به عباده من ثواب أو عقاب سيقع حتمًا. وما المؤذن الذي يعلن لعنة الله على الظالمين إلا شاهدًا على أن العدل الإلهي لا يترك ظلمًا بلا قصاص، ولا حقًا بلا إنصاف.

مواضيع مشابهة

ليتفقهوا في الدين – علوم القرآن في رواية أمير المؤمنين (ع) -39- آيات الوعد والوعيد

أحاديث في الجنّة ونعيمها