قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

طريقة التعامل مع المرأة – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا).

يولي الإسلام الزواج مكانة خاصة، فهو ليس مجرد عقد تبادل مصالح، بل ميثاق غليظ يجمع بين روحين على أساس المودة والرحمة. وقد وصفه القرآن الكريم بالميثاق الغليظ، وهو تعبير لا يُستخدم إلا في أعظم القضايا كالتوحيد والعهد الإلهي. ولذلك، فإن التعامل مع المرأة في الإسلام ليس مبنيًا على الهيمنة أو الاستغلال، بل على التكريم والمساواة في الحقوق والواجبات، مع مراعاة الفطرة التي فطر الله الناس عليها.

 

خلفية نزول الآية:

قبل الإسلام، كان المجتمع الجاهلي يتعامل مع المرأة باعتبارها جزءًا من الميراث، فإذا مات الرجل، انتقلت زوجته إلى ورثته، وقد يمنعها ابن الزوج من الزواج إلا إذا دفعت مالًا أو افتدت نفسها. فجاء الإسلام ليبطل هذه الممارسات الجائرة وليحرر المرأة من هذا الظلم، مؤكدًا أن الزواج رابطة اختيارية تقوم على القبول، لا على الإجبار أو الإرث.

 

النهي عن العضل والتضييق:

تشير الآية أيضًا إلى عادة أخرى كان بعض الرجال يمارسونها، وهي التضييق على الزوجة بهدف دفعها إلى طلب الطلاق مقابل التنازل عن حقوقها أو إعادة ما أُعطي لها من مهر. فنهى الله تعالى عن هذا الأسلوب، معتبرًا أنه ظلم لا يليق بالمؤمن. لكن في حال وقوع “الفاحشة المبينة”، وهي بحسب أغلب المفسرين الزنا، يحق للرجل أن يسترد ما أعطى. بينما رأى بعض فقهاء المذاهب الأخرى أن الفاحشة تشمل النشوز أو السرقة، في حين حصر فقهاء مدرسة أهل البيت معنى الفاحشة هنا في الزنا فقط.

 

معيار الاختيار الصحيح للزوجة:

من توجيهات الإسلام عند اختيار الزوجة، أن يُقدَّم الدين والخلق على المال والجمال. فالزواج المبني على المصلحة أو الشهوة قد يجرّ إلى مشكلات كبيرة إذا غابت الأخلاق أو ظهر انحراف سلوكي. ولهذا فإن البحث عن البيت الطاهر العفيف أساس لزواج ناجح ومستقر، يُبنى على المودة والمعروف لا على الظلم والإجبار.

 

المعاشرة بالمعروف:

تؤكد الآية على المبدأ الذهبي في الحياة الزوجية: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ”، أي باللطف والاحترام والعدل. حتى لو وُجدت كراهية من أحد الطرفين، يذكّرنا القرآن بأن في بعض ما نكره خيرًا كثيرًا، فقد يرى الإنسان في زواجه بلاءً أو ضيقًا، لكن الله يجعل فيه مصلحة وحكمة لا يدركها إلا بعد حين.

 

الخلاصة:

الإسلام وضع أسسًا واضحة للتعامل مع المرأة، فحرّم إرثها بالإكراه، ومنع ظلمها بالتضييق، وأوصى بمعاشرتها بالمعروف. فالزواج في جوهره عقد عبادي وروحي، وليس علاقة مصلحية أو استغلالية. ومن التزم بتعاليم القرآن في هذا الباب، عاش حياة زوجية قائمة على المودة، والرحمة، والعدل، وهو ما ينعكس خيرًا على الأسرة والمجتمع بأسره.

مواضيع مشابهة

المنبر العميد – 162- الزواج

من أهم أهداف الزواج