القانون العشائري – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
عن أمير المؤمنين عليه السلام: (وَأَكْرِمْ عَشِيرَتَكَ فَإِنَّهُمْ جَنَاحُكَ اَلَّذِي بِهِ تَطِيرُ وَأَصْلُكَ اَلَّذِي إِلَيْهِ تَصِيرُ وَيَدُكَ اَلَّتِي بِهَا تَصُولُ).
قد يصور للفرد عند قراءة هذه الرواية أن فيها نوع من الاعتزاز بالعشيرة أو أنها تحمل طابع قومي، أو أنها تأثر بأوضاع حضارية قائمة، فقد كان القانون العشائري هو القانون السائد في الجزيرة العربية، بحيث أنه لم يكن فيها قانون يسيرون عليه ويحتمون به غير القانون العشائري.
فكانت القبيلة قائمة على أساس أن الفرد يحتمي بالعشيرة والعشيرة تحتمي بأفرادها، فكان رئيس العشيرة إذا رفع لواء العشيرة تداعت أفرادها من كل ناحية، دون أن تسأل عن سبب الحرب أو حتى عن ضد من تريد العشيرة أن تشن الحرب، فقد كان الأحنف بن القيس إذا غضب يغضب معه مائة ألف سيف لا يسألونه فيما غضب.
وهذه هي الجاهلية بعينها، بحيث لا يسأل أفراد العشيرة عن سبب حربهم، وعلام سوف يسفكون الدماء، فهذا المعنى من القومية والعشائرية حتما غير موجود في قاموس أمير المؤمنين عليه السلام ولم يقصد هذا المعنى في هذه الرواية.
فإن الطاعة المطلقة جعلها الله تعالى لنفسه ثم لنبيه وخلفائه المعصومين عليهم السلام، لأن الله تعالى هو وحده العالم بالمصالح والمفاسد، لذا سلب سلطة الأب على ابنه في المعاصي وسلب سلطة الإنسان على الدماء.
فلا يحق لأحد سفك دم أحد إلا كما أمر الله تعالى في عدة موارد منها: القصاص، وزنا المحصن، والدفاع عن النفس والمال والعرض، والكفر بعد الإيمان وغيرها من الموارد.