وسائل كشف المنافقين – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء)
تتحدث الآية الكريمة عن تقسيم المسلمين إلى فريقين فريق مؤمن وآخر غير مؤمن، ولكنه في المقابل تحدث عن تمييز الخبيث من الطيب منهم، وذلك عبر وسائل عدة لكشف المنافقين منهم.
لعل ظاهر بعضهم يوحي لك بأنه متحمس وقلبه مطمئن بالإيمان لكنك لو دققت النظر وتفحصت ومحصت لرأيت في قلبه سوادا وغشاوة حالت دون دخول الإيمان إلى قلبه.
وقد أشار جملة من المفسرين إلى مجموعة من الوسائل لكشف المنافقين يمكن بواسطتها التعرف إلى المنافقين وكشفهم وفضحهم.
ومن بين هذه الوسائل دعوتهم إلى الحرب والجهاد في سبيل الله، وكانت هذه إحدى أهم الوسائل لكشف المنافقين ومعرفتهم وتمييزهم، فالمرء بطبيعته يخشى على حياته ويحب الحياة ويخشى الموت إلا إن كان قلبه متعلق بأمر أعلى وأسمى من الموت، وإلا فإنه لن يقدم على إلقاء نفسه في آتون حرب يعلم أنه قد لا يخرج منها سالما، لذلك فقد كانت خير وسيلة لتمحيص أصحاب النبي صلى الله عليه وآله لتمييز المنافق من المؤمن.
ومن الوسائل الأخرى لكشف المنافقين تتبع فلتات لسانهم، فكل منا معرض لهذه الفلتات، وقد أشار أمير المؤمنين إلى هذه الحقيقة في بعض أقواله وحكمه.
كلّ امرئ معرض لفلتات اللسان، وهذه الفلتات ليست آتية من فراغ وإنما ترجع إلى قلب الإنسان وحقيقته وسره المكنون الذي يحاول إخفاءه ما استطاع، ولكنه لا بد أن يزل في موقف أو مرحلة ما من غضب أو انفعال ونحوه.
ومن الشواهد على فلتات اللسان هذه ما كان يتمتم به بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله بعد أن كان قد جمع بعد إحدى الغزوات الغنائم وكان من بينها تحفة ثمينة لم يعثروا عليها بعد أن وضعت الحرب أوزارها، فتحدث بعض الأصحاب قائلين: لعل النبي استحسنها فأخذها لنفسه، وهذه من فلتات اللسان التي تكشف المنافقين وتعريهم.
ومن بين وسائل كشف المنافقين موضوع الأموال والغنائم، فأنت تعرف صديقك الحقيقي إن كان يتقرب إليك لا لمالك وإنما لشخصك، وجمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله لم يكن كذلك، فقد كانوا يتذمرون ويشتكون عند توزيع الغنائم ويريدون حصة أكبر، خلافا للمؤمنين الحقيقيين الذين يشكرون ربهم ونبيّهم مهما حصلوا عليه ولو كان بسيطا.