أخلاق زين العابدين عليه السلام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
روى عمران بن سليم قال: كان الزهري إذا حدث عن علي بن الحسين عليهما السلام قال حدثني زين العابدين علي بن الحسين، فقال له سفيان بن عيينة: ولم تقول له زين العابدين؟ قال: لأني سمعت سعيد بن المسيب يحدث عن ابن عباس أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين فكأني انظر إلى ولدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يخطو بين الصفوف).
لقب الإمام علي بن الحسين عليها السلام بزين العابدين لكثرة عبادته أو مداومته عليها، فكانت عبادته عليه السلام ليس كما يتخيل الكثير أنها فقط عبارة عن صلاة وصيام وغير ذلك من العبادات، بل كانت كل حركاته وسكناته عبادة، لأنه كل عمل وإن كان من حيث الظاهر دنيوي إذا روعي فيه وجه الله.
فلطبيعة عبادته عليه السلام طبيعة استثنائية، فهي عبادة تسير إلى البطون الجائعة لتشبعها، وإلى الأجساد العارية لتكسوها، وإلى القلوب الضالة لتهديها، وإلى العقول الفارغة لتملؤها بالعلم والمعرفة، وإلى النفوس المريضة لتداويها.
فالإمام السجاد عليه السلام كان يقسم يومه إلى عدة أقسام، فإذا جاء الليل عمد إلى بيوت من خلت من المعيل أو أقعدت معيلها ويوزع على أهلها ما قسم الله لهم من المال والطعام واللباس، دون أن يعرف أحد أنه هذا هو زين العابدين عليه السلام، ودون أن يميز بين بيت علوي أم بيت أموي.
يروى أن رجلا من أهل الشام دخل المدينة رأى الإمام زين العابدين وقال له أنت ابن أبي طالب؟ فقال عليه السلام: أنا من أحفاده، فقال الشامي: بك وبأبيك -سب وشتم- فلما انقضى، قال عليه السلام: أحسبك غريبا؟ قال الشامي: أجل!
قال عليه السلام: مل إلينا وعرج علينا ولا تدع، فإن احتجت إلى منزل أنزلناك، وإن استأويتنا آويناك، وإن احتجت إلى مال واسيناك، وإن ضعفت عن أمر عاوناك. فقال الشامي: دخلت المدينة وما أحد أبغض إليه منه ومن أبيه وخرجت منها وما في الأرض أحب إلي منه، وعلمت أنه طيب بن طيب، وأنه ما يبغضه إلا من خاب وحاب.
مواضيع مشابهة
الأقمار المنيرة – 13 – خصائص الإمام زين العابدين عليه السلام