قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

القرآن تبيان كل شيء – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ [الأنعام: 92].

القرآن الكريم ليس مجرد كتاب عبادة أو مواعظ، بل هو تبيان لكل شيء، ومرجع شامل للهداية والفكر والتشريع، وهو الكتاب الذي جمع بين الهداية الروحية والتشريعات العملية، وبين الدلالة العقلية والبرهان الكوني.

 

الفرق بين كتاب الله التكويني والتدويني:

كتاب الله التكويني: وهو الكون بما فيه من مخلوقات وآيات كبرى تدل على عظمة الخالق، قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ﴾ [فصلت: 53].

كتاب الله التدويني: وهو القرآن الكريم الذي نزل بالوحي ليكون مرشداً للإنسان، يبين له غاية الوجود وطريق النجاة.

إذن الطبيعة آية لله، لكنها لا تجيب عن كل الأسئلة المصيرية: لماذا خُلق الإنسان؟ وما الغاية من حياته؟ وماذا بعد الموت؟ أما القرآن فيأتي بالتفسير الشامل لهذه القضايا.

 

الكون شاهد على الخالق:

كثير من علماء الطبيعة والفلاسفة – حتى غير المسلمين – أقروا أن الكون لا يمكن أن ينشأ بالصدفة، لما فيه من دقة في النظام وبديع في الخلق. بل إن بعضهم، رغم ميوله الإلحادية، انتهى إلى الاعتراف بوجود خالق مدبر، وإن أنكر الكتب السماوية.

قد يكون إنكاره للتوراة والإنجيل مفهوماً بسبب ما طرأ عليهما من تحريف.

لكن إنكاره للقرآن غالباً ناشئ من سوء فهم أو اعتماد على روايات إسرائيلية مدسوسة أو سماع دعايات مغرضة، دون قراءة واعية لمضامينه.

 

الحاجة إلى الكتاب التشريعي

الكون يدل على وجود الخالق، لكنه لا يحدد تفاصيل العلاقة بين الإنسان وربه.

الطبيعة لا تجيب عن سؤال: لماذا خلقنا الله؟

ولا عن سؤال: ما مصيرنا بعد الموت؟

ولا عن تفاصيل التشريع والأحكام والحدود.

هنا تأتي ضرورة الوحي الإلهي، والقرآن الكريم هو الكتاب الذي ينظم حياة الإنسان ويكشف له الحكمة من الخلق، ويوضح له سبيل السعادة في الدنيا والآخرة.

 

القرآن كتاب شامل للهداية:

يهدي الإنسان في عقيدته، فيرشده إلى التوحيد وينزه الله عن الجسمية والتشبيه.

يهديه في أخلاقه، فيأمر بالصدق والأمانة والعفة.

يهديه في تشريعاته، فيبين أحكام العبادات والمعاملات.

يهديه في علاقاته الاجتماعية، فيضع أسس العدل والإنصاف.

فهو كتاب شامل لمظاهر الحياة كلها، ولذلك كان ﴿تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: 89].

 

الخلاصة:

القرآن الكريم هو الكتاب الذي جمع بين العقل والوحي، وبين الدليل الكوني والدليل التشريعي. الطبيعة تكشف عن وجود الخالق، أما القرآن فيكشف عن إرادته وحكمته في خلقه، ويجيب عن الأسئلة التي حارت فيها العقول. من هنا، لا غنى للإنسان عن التلازم بين النظر في كتاب الله التكويني (الكون) والتأمل في كتابه التدويني (القرآن)، ليصل إلى الإيمان الحق ويهتدي إلى الصراط المستقيم.

 

مواضيع مشابهة

المنبر العميد -57- عطاءات القرآن الكريم

أهمية القرآن