فضل التصدق على الأرحام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا)
هذه الآية نزلت في سياق آيات تتحدث عن تقسيم الميراث، وتناولت هذه الآية مجموعة من الأصناف الذين هم خارج طبقات الميراث، ولكن الآية لم تتحدث عن إعطائهم من باب الوجوب إنما من باب الاستحباب، فالآية تتحدث أنه في حال اجتمع الورثة والأقارب أثناء توزيع الميراث، وكان أحد من غير الورثة مسكيناً أو يتيماً، فيستحب إعطاؤه من القسمة.
وقد يكون مقصد الآية أن الموصي إذا أراد أن يقسم تركته بالوصية أن يوصي يقسم منها إلى الفقراء والمساكين وبالأخص من أولي القربى منهم، فالإنسان العاقل من يوصي في حياته ببعض من تركته للفقراء والأعمال الخيرية، فالإنسان عندما يموت ينقطع عمله، وهذا العمل الصالح سيبقى له حتى بعد وفاته، فلا ينتظر أحدنا أن يقوم ورثته بالتبرع عنه طالما أنه قادر على ذلك في حياته.
ولعل الحكمة في استحباب إعطاء الأقارب الفقراء قسمة من الميراث هو لدفع الكراهية التي قد تولد من أنه أثناء القسمة قد يمد أحدهم عينه إلى العطاء، فإذا لم يعطى منه شيء قد يولد عنده إحساس بالحقد والكراهية تجاههم.
وقد عبر تعالى عن هذا العطاء بالرزق حيث قال: (فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ) رغم الرازق هو الله تعالى إلا أنه نسبه لهم، لأن العبد لا يرزق غيره بالاستقلال إنما رزقه لغيره مما رزقه الله تعالى إياه، فالعبد يزق من عطاء محدود والله عطاؤه لا حد له، والعبد يرزق غيره بمنه، والله لا يمتن على عباده.
وقال تعالى: (وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) معناه أنه في حال عدم القدرة على العطاء المادي، فمثلاً لو كان الميراث عبارة عن عقارات أو أعيان تعذر بيعها، فبالكلمة الطيبة يطيبون خاطره ويوعود بالعطاء عند توفر المال، فالإسلام حريص تمام الحرص على رزع الكلمة الطيبة في نفوس المسلمين تجاه بعضهم البعض وتجاه أولي الرحم على وجه الخصوص.
فينبغي على المؤمن أن يكون كلامة طيب إذا أراد العطاء، وكذلك إذا لم يرد أن يعطي السائل فاليرده بالكلام الطيب، ولكن الأولى بالإنسان أن لا يمنع أحد من العطاء بقدر ما يستطيع، فأئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا يرون السائل هو من يحمل زادهم إلى الله عز وجل.