الروابط بين الناس – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
الله تعالى، منذ أن خلق البشرية، وضع العديد من الروابط بين الناس لتوثيق علاقاتهم وتعزيز تآزرهم. ومن بين هذه الروابط نجد الرابط الإنساني، رابط العقيدة، ورابط الدم. في هذا المقال، سنستعرض هذه الروابط من خلال الآية الكريمة (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) ونسلط الضوء على كيفية ترسيخ القرآن الكريم لهذه الروابط.
الرابط الإنساني
الله تعالى رسخ في قلوب المسلمين مفهوم الرابط الإنساني العميق. قال تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا)، (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا)، (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا). هؤلاء الأنبياء كانوا يدعون أقوامهم الذين كانوا كفارًا ومشركين، ورغم ذلك عبر القرآن عنهم بصفة “أخاهم”، مما يعزز مفهوم الإخاء الإنساني.
الرابط العقائدي
الرابط العقائدي يرتبط بعقيدة المسلم الذي يعتبر كل مسلم أخًا له، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف في الرأي. واجب المسلم تجاه أخيه المسلم هو حفظ غيبته وحضوره وتقديم النصيحة والإرشاد. قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه).
رابطة الدم
رابطة الدم يُعتبر من أقوى الروابط بين الناس، خاصة بين الإخوة. موسى عليه السلام، عندما أراد الانطلاق في دعوته، طلب من الله أن يجعل من أخيه هارون شريكًا له في الدعوة، حيث كان هارون فصيح الكلام بينما كان موسى أقل منه فصاحة. استعان موسى بالوسائل الطبيعية لتحقيق أهدافه السامية في الدعوة إلى الله تعالى، وهو أمر طبيعي حتى بالنسبة للأنبياء والرسل.
نموذج نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله
نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله طلب من ربه كما طلب موسى. فقد روي عن أسماء بنت عميس، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “اللهم إني أسألك بما سألك أخي موسى أن تشرح لي صدري، وأن تيسر لي أمري، وأن تحل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري، كي نسبحك كثيرا، ونذكرك كثيرا، إنك كنت بنا بصيرا”.
الخاتمة
الروابط التي وضعها الله بين البشر هي أساس لتآزر المجتمع وتعاونه. سواء كانت هذه الروابط إنسانية، عقائدية، أو روابط دم، فهي تعزز من وحدة المسلمين وتآخيهم. علينا أن نتذكر دائمًا أن نستعين بالله ونسعى لتحقيق أهدافنا السامية بالتعاون والمحبة بيننا.