مكانة الكعبة عند الله – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)
إن الله تعالى سمى الكعبة بالبيت، ومعنى البيت في اللغة إما الأسرة أو العائلة أو القبيلة، فعندما يرد أحدنا أن يسأل عن أحد من أي أسرة هو نسأل: من أي بيت أنت، وإما أن يأتي معنى بيت اسم للمكان الذي يحصل به المبيت، والكعبة المشرفة لا تنزل تحت أي عنوان من هذين المعنيين.
إذن لماذا سمى الله الكعبة المشرفة بالبيت؟ والجواب أنها المكان الذي تبات فيه أرواح المسلمين، فأرواح المسلمين جميعاً تهفو إلى هذه البقاع المشرفة، والله تعالى أيضاً يعتبر أن جميع المسلمين أخوة، والكعبة المشرفة هي البيت الذي ينتسب إليه جميع المسلمين وكأنهم أسرة واحدة، فالكعبة إذن سميت بالبيت أي أنها البيت المعنوي لجميع المسلمين.
وكذلك الله أمرنا بقصد البيت الحرام بالحج والصلاة ليس لأن الله محصور في هذا المكان، بل لأن الله جعل البيت الحرام رمزاً وأمر أن يعظم هذا المكان وأن نتوجه به إلى الله تعالى، فالله تعالى في كل مكان ولا يحويه مكان قط.
وأما عن تاريخ الكعبة فهي موجودة منذ عهد آدم عليه السلام ولكن انذثرت آثارها في زمن طوفان نوح عليه السلام، رغم أن بعض الروايان تفيد أن الطوفان لم يصل إليها فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: أربعة بقاع ضجت إلى الله من الغرق أيام الطوفان قال: (البيت المعمور فرفعه الله إليه. والغري، وكربلاء، وطوس)
وبقيت مندثرة الآثار إلى أن أمر الله تعالى نبييه إبراهيم وإسماعيل بإعادة إعمار البيت الحرام (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، ولكن العرب بعد ذلك دخلت عليهم الوثنية فجاؤوا بأوثانهم ووضعوها داخل البيت الحرام وحوله، حتى فتح الله مكة على يد الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وذلك قال تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ).