الميراث في الإسلام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ).
إن الإرث على عدة أقسام: أرث بالتربية: وهي الأسس والمبادئ وغيرهما من الأمور التي يعلمها المربي لمن يربيه، والأرث القهري: وهي الخصائص الجسمانية وغيرها التي تنتقل عن طريق الجينات الوراثية، ثم الأرث المادي: وهو المشهور من الأرث الذي يبيح نقل ملكية شخص لآخرون -حسب درجة القرابة- بعد وفاة المالك
ومنهج الإسلام في الميراث المادي يختلف عن النظريتين الماركسية والرأسمالية، فالأولى ألغت قانون الميراث بدعوى أنه يخلق التمايز الطبقي، والرأسمالية أحيانا لا تورث إلا الولد الأكبر، وإن لم يكن للمتوفى أولاد تنقل أملاكه لدولة ومنشآتها، بخلاف الإسلام الذي أكد على هذا القانون وسيرانه لجميع الورثة من الأولاد الذكور والإناث بالدرجة الأولى ثم الأبوين والزوجة ثم الاخوة وهكذا.
وأما الميراث القهري الذي يعبر عنه في العصر الحالي بالجينات الوراثية والذي اكتشفه العلم الحديث، كان قد تحدث عنه الإسلام قبل أربعة عشر قرناً، ن علي بن رياح، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
(ما ولد لك؟ قال: يا رسول الله! ما عسى أن يولد لي؟ إما غلام وإما جارية. قال: فمن يشبه؟ قال: يا رسول الله! ما عسى أن يشبه؟ إما أباه وإما أمه. فقال: لا تقولن هذا إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم، فركب خلقه في صورة من تلك الصور، أما قرأت هذه الآية في كتاب الله ” في أي صورة ما شاء ركبك ” من نسبك ما بينك وبين آدم).
وأما الأرث التربوي هو ما يرثه الإنسان عن طريق التربية، منها العادات والتقاليد أو الأخلاق والطبائع، أو الدين والعقيدة، وليس شرطاً أن يرث الإنسان هذه الأمور من أبويه، فقد يرثها من أستاذه ومربيه أو من أخواله أو من مجتمعه، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله: (كل مولود يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه وينصرانه).