السجود لآدم – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين)
إن السجود هو مظهر من مظاهر التعظيم والتقدير ونوع من إظهار الاحترام والتبجيل، ولكن الإشكال الوارد هنا هو أنه هل هو مختص بالله تعالى دون سواه أم يمكن السجود لغير الله تبارك وتعالى؟
في الواقع إن هناك عدة ألوان من التعظيم والتبجيل ظهرت على الساحة البشرية، فمن التعظيم تعظيم الابن لأبويه اللذين كانا سببًا في وجوده في هذه الدنيا وشقيا في تربيته إلى أن كبر واشتد عوده ليتحمل أعباء الحياة.
ومن التعظيم تعظيم المرء لمعلمه ولو كان معلمه هذا علمه حرفا، فقد ورد في الرواية أن من علمني حرفا صيرني عبدا، واحترام المعلم هو من باب احترام مدرسة التربية التي ربتك وأفنت حياتها في سبيل أن تخرج إلى المجتمع عضوا نافعا صالحا فيه، ولعل المعلم يكاد يكون المربي الأول للطفل بعد دخوله المدرسة، ويبقى لأبويه تأثيرهما.
ومن التعظيم الذي كثيرا ما ورد في التاريخ وفي الأمم الماضية تعظيمهم لأصنامهم وتماثيلهم وسجودهم لها، فهم يعظمونها لأنهم يعتقدون بأنها توصلهم إلى الله، وأن هذه الحجارة التي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا جديرة بالتعظيم والاحترام، والحقيقة هي أن ذلك من سخف القول وسخافة المقال، وهي مقالة قد عفا عليه الدهر وأكل وشرب.
ومن التعظيم أيضًا تعظيم أفراد أو أشياء أمرنا الله بتعظيمها، بل وأمرنا بالسجود لها، كما أمر الملائكة وإبليس بالسجود لآدم.
وقد اختلف المفسرون في تفسير معنى السجود لآدم، فهل السجود لآدم سجود تعظيم له أم أكثر من ذلك؟
وذهب بعضهم إلى أن السجود لآدم هو سجود له لأنه في جهة القبلة، وهذا المعنى لا يستقيم مع حقيقة التعظيم الحاصل لآدم من السجود له واستنكاف إبليس عن السجود له.
وقال بعضهم بأن السجود لآدم لمجرد التعظيم له، لكن هذا لا يستقيم أيضًا مع شدة رفض إبليس للسجود لآدم.
مواضيع مشابهة
ليتفقهوا في الدين – آيات الأحكام – 171 – قاعدة نفي العسر والحرج