محاربة التقاليد الفاسدة – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين)
في كل المجتمعات الإنسانية هناك عادات وتقاليد وموروثات يرثونها عن أسلافهم، وهناك فرق هناك بين الموروثات والتقاليد، فالموروثات هو ما يرثها الإنسان بشكل شخصي عن والديه وأجداده من طول قامة ولون بشرة وملامح أو سلوك وتصرف وما إلى ذلك، أما التقاليد فهي ما يرثها المرء من المجتمع وتدخل إلى حياته دون استئذان ودون إرادة منه.
إن على العاقل أن ينظر إلى هذه التقاليد ويقيمها تقييما عقليا ناضجا، فالعاقل هو من يدعو إلى محاربة التقاليد الفاسدة التي تخالف حكم العقل صراحة ولا مجال للبت فيها.
إلا أن هناك بعض الأمور وضعها الشارع المقدس دعانا إلى التعبد بها دون سؤال العقل عن حقيقتها وماهيتها. على سبيل المثال رمي الجمرات الذي يعتبر شعيرة من شعائر الحج المقدسة التي لا يصح الحج من دونها، قد يتساءل بعضهم لماذا نرمي هذه الجمرات بهذه الكيفية وبهذه الصورة الدقيقة؟ الجواب هو أنه لا يمكن للعقل البشري أن يهتدي إلى فلسفة هذه العبادات، وعليه الإذعان والتصديق بها والتعبد بها.
ولكن هنالك شطرا كبيرا من الأمور ينبغي على المرء أن يعمل عقله فيها، فلا يعقل لامرئ عاقل يملك عقلا ناضجا أن يفكر بعبادة أصنام لا تصنع شيئا ولا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا لمجرد وراثته ذلك عن أجداده وآبائه الذين كانوا من الضالين، فمحاربة التقاليد الفاسدة هنا هو أمر لا مفر منه وينبغي على العاقل أن يفكر بعقله في حقيقة بعدها عن حكم العقل.
وإن من يقف في وجه محاربة التقاليد الفاسدة فهو يقف في وجه العقل وحركته، وإن من يدعي أن عقائد الأسلاف وتقاليدهم مقدسة لا تمس فهو واهم ويعيش في جهل عميق، عليه الاستفاقة منه قبل فوات الأوان.