أما السفينة فكانت لمساكين – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)
الآية الكريمة تناولت محاورة وقعت بين نبي الله موسى عليه السلام، وبين الخضر عليه السلام، وخلاصة هذه المحاورة: أن الخضر عليه السلام أثناء اصطحاب موسى عليه السلام معه، قام بخرق سفينه، فاعترض موسى عليه السلام على فعله، وأنه قد يسبب بإغراق السفينة بمن فيها، فأخبر الخضر موسى عليهما السلام عن سبب خرق السفينة بما ورد في الآية الكريمة، ولكن في هذه الآية نكات وفوائد هي:
أن القرآن الكريم والحديث الشريف ذكرا في عدة مواضع أحكام المساكين والفقراء، وموضوع الفقراء والمساكين يتناوله الفقهاء في باب الزكاة والخمس ومستقحيهما، حيث قالوا أن كلا الكلمتين إذا افترقا باللفظ بمعنى ذكر أحداهما دون الآخر، أجتمعا في الحكم، وإذا اجتمعا باللفظ افترقا بالمعنى.
والمسكين في تعريف الفقهاء هو الشخص الذي يأتيه دخل ولكن هذا الدخل لا يكفي لمؤنته، أما الفقير تعريفه هو من لا دخل له أصلاً، وفي كلتا الحالتين يحق لمن اتصف بأحد منهما أن يعود إلى بين المال أو مايسمى اليوم بصندوق التأمين ليسد له حاجته.
والنقطة الأخرى أن الله أشار إلى نعمة الله علينا بأن الله جعل لنا مجالين للعمل وهما: بالبر والبحر، فكما جعل لنا حيوانات للصيد في البحر وكذلك جعل لنا حيوانات للصيد في البحر، وكما جعل في البر مزارع كذلك جعل في البحر، ومن البحر يخرج اللؤلؤ والمرجان، وفي البحر عطاءات لا تحد، وكما أن الله بارك العمل في البر كذلك بيارك العمل في البحر.
وفي السفينة أحكام فقهية وأهمها يذكرها الفقهاء في كتاب الصلاة، والحكم في التوجه إلى القبلة أثناء الإبحار، فإن عرفت وجة القلبة صلى إليها، وإن ظن في جهتها يتوجه للجة التي يظنها، وإن لم يعرف اتجاهها فبعض الفقهاء قالوا أن يصلي إلى أية جهة شاء وآخرون قالوا يصلي على الجهات الأربع، أي يصليها أربع مرات كل مرة إلى جهة حتى يحرز أن إحدى تلك الصلوات توجه بها إلى القبلة.
والحكمة في ذلك أن الله تعالى لا يريد لنا أن نتوجه لغير القبلة في الصلاة، ولا يريد لنا بديل عن القلبة التي وضعها الله تعالى لنا، فلا بديل للمسلمين عن الكعبة ولا توجه بالعبادة لغير الله تعالى، فالكعبة هي قبلة المسلمين وهي مأوى قلوبهم، وهي أمنا العقائدية وهي المكان الذي انطلق منه شعار “لا إله إلا الله” فنحن لولا لا إله إلا الله لكنا كما كان حال العرب قبل الإسلام، الحال الذي وصفته السيدة الزهراء عليها السلام بخطبتها الفدكية: (كنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الاقدام).
مواضيع مشابهة