مفهوم المواطنة في الإسلام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم)
إن كل مجتمع من المجتمعات تنتظمه ظاهرة اجتماعية نسميها ظاهرة المواطنة، وبتعبير آخر إن كل فرد يعيش ضمن مجموعة وفي إطار وطن معين فإنه يعد مواطنا.
لكن ينبغي هنا التنبه إلى أن المواطنة مفهوم عند المواطنين أو أبناء الوطن الواحد، فهناك مواطن صادق أو مخلص أو مشدود إلى تربة بلده ووطنه شدا وثيقا لا يكاد ينفصم، مما يؤدي به إلى التضحية في سبيل وطنه أو إلى خدمته بصدق وإخلاص.
كما أن هناك مواطنا يمتاز ظاهرا بصفة المواطنة، أما واقع المواطنة فهو غير موجود عنده.
وهذا الأمر موجود في جميع المجتمعات، فكل مجتمع فيه الإنسان المواطن الصحيح الشريف وفيه من هو غير ذلك، فإن هناك شريحة يمكن أن نطلق عليها أنها شريحة متسترة بغلاف المواطنة، والواقع الذي تعيشه تلك الشريحة غير ذلك جملة وتفصيلا.
إن مثل هذه الشريحة الوضيعة التي مر الكلام عنها آنفا هي جزء من مخطط استعماري يسعى المستعمرون دائما إلى زرعها بين الشعوب ويحرصون على ذلك كل الحرص، لأن الاستعمار يستفيد منها فائد كبيرة، فهو يهدف إلى السيطرة على تلك الشعوب من خلال هذا المكون المنحرف.
والأكثر من هذا أنه يطلق عليها قواعد فكرية له حيث ينطلق منها إلى استعمار تلك الشعوب استعمارا ثقافيا قبل أن يستعمرها عسكريا أو اقتصاديا.
كما أنها تمثل كذلك بالنسبة له قواعد مادية تتلخص في كونها أرضا وسلاحا في خدمته يستطيع أن ينطلق منها متى ما أراد لتحقيق أهدافه ومصالحه في ذلك الوطن أو في غيره من الشعوب أو البلدان المجاورة.
فهو إذن يعتبرها قواعد عسكرية أو مادية لأنه يستغلها وينطلق منها في حملاته وجيوشه، وكذلك يعدها قواعد فكرية له لأنه يغرس فيها أفكاره التي يريديها، ومن ثم يقوم هؤلاء بتصدير هذه الأفكار إلى نفوس الآخرين الضعفاء من أمثالهم كيف يوجدوا قاعدة أساسية لهؤلاء المستعمرين.
فالواقع أننا نجد أحيانا أن بعض الناس يتصف بأن لديه قشر مواطنة وليس لديه مواطنة صالحة وإخلاص للبلد الذي يعيش فيه ويأكل من خيرات ترابه وأرضه ويشرب من مائه ويتنفس من هوائه.