آثار اللغو في الحديث – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)
عندما هاجر النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة المنورة تطاولت ألسن المنافقين عليه وعلى أصحابة المهاجرين معه، بحيث كانوا يخاطبوهم بدونية على اعتبار أنهم فقراء وليش لهم شأن في مجتمعهم، والإسلام والهجرة هما اللذان جعلا لهم شأناً في المجتمع المدني، فالله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وآله أن يأمر المسلمين بتجاهل كلامهم والترفع عن الرد عليه.
وقد عرف أهل اللغة اللغو أنه: كل ما كره من الكلام وما فحش من القول، فاللفظة النابية هي لفظة لا فائدة منها وليس لها مردود إيجابي، بل على العكس إن اللغو له مردود سلبي في أذى الآخرين، وخصوصا أن الكلمة النابية إذا وجهت للمؤمن تجرح بنفسه وكرامته، وكرامة المؤمن عند الله غالية جداً، فالدينا كلها أقل شأناً عند الله من كرامة المؤمن.
وقد أمر تعالى المسلمين بأن يترفعوا عن الرد على اللغو من شاتم وكلمات نابية، لأن الرد على أصحابها نزول إلى مستواهم، وهذه كانت أيضاً سيرة أمير المؤمنين وسائر أئمة أهل البيت عليهم السلام، فكان مروان بن الحكم يشتم أمير المؤمنين أمام الإمام الحسن عليهما السلام وما كان من الإمام إلا أن يتجاهله.
فإن نفس دين الإسلام قد تعرض للشتم والانتقاص من قبل مفكري الغرب، فعلى سبيل المثال قال ماركس: الدين زفرة الإنسان المسحوق، روح عالم لا قلب له، كما أنه روح الظروف الاجتماعية التي طرد منها الروح. إنه أفيون الشعب. ومعنى كلامه أن المضهد يخلق في نفسه من يتأمل أن يأخذ له حقه وهو الله.
وهذا الكلام غير قابل للرد، فهذا الشخص إن تأمل في أي مخلوق في هذا الكون وما له من تعقيدات في خلقته، لعلم أن وراء هذا الخلق خالق بقدرة لا محدودة، فهل يعقل أن هذا الوجود الذي لم تطلع البشرية بعد ولا العلم الحديث على حدوده أن يكون قد وجد صدفه؟!.