فضل الأضحية في الإسلام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)
إن المشركين كانوا إذا أرادوا ذبح قربان يأخدون دم الذبيحة ويلطخون به جدار الكعبة بالإضافة إلى أصنامهم، فعندما فتح المسلون مكة وأدوا مناسك الحج أرادوا أن يقلدوا المشركين بذلك بأن يلطلخون جدار العكبة بدماء أضاحيهم. فنزلت الآية الكريمة تنهاهم عن ذلك.
وإن الحكمة الإلهية من تشريع النحر في عدة مناسبات هو لأجل التفريح عن الأسر الفقيرة التي قد يثقل عليها شراء اللحم، وقد ورد في الأخبار عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (عظموا ضحاياكم فإنها مطاياكم على الصراط).
وفي قوله تعالى: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا) إشارة إلى أن الطاعة والمعصية لا تقدم نفعاً ولا ضرراً لله عز وجل، بل من ينفعه ثواب تلك الأضحية هو نفس المضحي، وأن لحم الأضحية إنما تعود على المجتمع الذي سيتغذى منها، فالمحتاج لشيء ما هي الأجسام، وهو سبحانه ليس بجسم لأن الجسم محتاج إلى الطعام والشراب ومحتاج حتى لأعضاء جسمه، وهو سبحانه وتعالى غني مطلق ومنزة عن الإحتياج.
ثم وضحت الآية أن ما ينال الله تعالى هو :(وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ) فالله يفرح بعبده المؤمن إذا أطاع أمره، فهو سبحانه إنما خلقه للعبادة ولا عبادة بدون طاعة، وكذلك الأمر فرغم أن الله بذاته لا تضره طاعة أحد ولا معصية أحد، لكن لأجل حبه لعباده يريد منهم سلوك طريق الجنة.
وإن من نعم الله على عبادة أن سخر لهم تلك الأنعام ليتغذوا منها (كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) فالله سلب من الأنعام إدراك الموت والتفكير به، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لو تعلم البهائم من الموت ما يعلم ابن آدم ما أكلتم سمينا).
نعي مصيبة السيدة الزهراء عليها السلام