قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

متى نلجأ إلى الدعاء؟ – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله

(رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)

إن أبراهيم عليه السلام عندما أمره الله بأن يترك زوجته وطفله في صحراء مكة وعد أن هم بمفارقتهم، دعاء الله بأن يتولاهم برعايته، فالدعاء عادة هو طلب من الله عز وجل عند حجز الإنسان عن الإتيان بالمقدور، وإبراهيم في تلك الحالة خرج موضوع رعاية أسرته من يده فكلب من الله تعالى أن يرعاهم هو.

وإن موضوع الدعاء هو مرتكز في الأديان عموما وفي دين الإسلام خصوصاً، ولكن يأتي البعض من منكري الخالق ليتهم المسلمين بالكسل والعجز عن نيل مطالبهم بالسعي فيلجؤون إلى الدعاء، وهذا الاتهام وإن كان له وجه من الحقيقة لكن أيضا له وجه آخر من الباطل.

فالإنسان هو مأمور بالسعي أولاً ثم يطلب من الله التوفيق والسداد، وإن عجز عن أمر بعد بذل الجهد لأجله حينها يلجأ إلى الله تعالى ويطلب منه ما عجز عنه، فالسعي أولاً هو المطلوب ثم الدعاء، وطالما أن الإنسان بمقدوره معالجة مشكلاته بالأسباب الطبيعية فليلجأ إليها بعد التوكل على الله، وعند العجز عنها يطلب مباشرة من الله.

وفي تفسير هذه الآية سئل الإمام الباقر عليه السلام عن قول إبراهيم: (إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) نحن بقية تلك العترة، وقال عليه السلام: كانت دعوة إبراهيم لنا خاصة.

فإبراهيم عليه السلام لم يكن أمامه إلا تنفيذ الأمر الإلهي، وقد قدر الله أن يتركهم في تلك البقعة التي لا ماء فيها ولا زرع ولا بشر، وهنا دعا إبراهيم ربه، فالله تعالى لا يقبل دعاء الإنسان إلا بعد السعي، ولذا ورد في الحديث عن الصادق عليه السلام أنه قال:

(ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم رجل جلس عن طلب الرزق ثم يقول اللهم ارزقني يقول الله تعالى ألم اجعل لك طريقا إلى الطلب، ورجل له امرأة سوء يقول اللهم خلصني منها يقول الله تعالى أليس قد جعلت أمرها بيدك، ورجل سلم ماله إلى رجل ولم يشهد عليه به فجحده إياه فهو يدعو عليه فيقول الله تعالى قد أمرت بالإشهاد فلم تفعل).

وكان دعاء إبراهيم لزوجته وولده أن قال: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)، وبين الله الحكمة من تركهم في هذا المكان فقال: (عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ).

مواضيع مشابهة

أحكمت آياته – 34- قصة إبراهيم عليه السلام

النبي إبراهيم والابتلاء الرباني (ذلك الكتاب)