هدف القتال في سبيل الله – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)
إن المقاتل عموماً يضع روحه بين يديه عند القتال، وطالما أنه جعل روحه ثمن فينبغي أن يكون المثمن أغلى من الروح، فالبعض يقاتل لأجل منافع دنيوية من مال وأراض وغير ذلك، وكل ما في الدنيا في زوال ولن يأخذ الفرد معه شيء منها إلا وزر سفكه للدماء، ولذا الآية الكريمة حددت هدف المقاتل وهو سبيل الله.
وسبيل الله معناه تمكين منهج الإسلام الحكم، لأن دين الإسلام نزل من عند الله بهدف تنظيم حياة الإنسان وتحقيق السعادة في الحياة، وهذا الأمر لا يتحقق إلا إن كان المواطن في دولة الإسلام مواطن صالح، وتكون يده نظيفة ولسانه نظيف، ويتعايش مع أخيه المواطن بسلام، وجميع المناهج الفكرية التي سيطرت على الحكم في العالم لم تحقق بشكل من الأشكال سعادة للإنسان، بل على العكس سبب أغلبها الشقاء للبشرية.
وعبر القرآن عن هؤلاء المقاتلين في سبيله أنهم يبيعون الرخيص وهي الحياة الفانية بالغالي وهي الحياة الآخرة الباقية، فكثير من الناس الحياة عندهم لا تختلف عن حياة الحيوان بشيء، فهم يفهمونها على أنها طعام وشراب ونساء، ولا يميزون بين الحلال منها والحرام، والبعض الآخر يفهمها على أنها قيم وأخلاق وإنسانية، وهم الذين لديهم الاستعداد للتضحية بنفوسهم في سبيل تمكين منهج الإسلام.
وإن مما يميز المقاتلين في سبيل الله تعالى أنه لا يمكن للمرء التمييز بين القائد والجندي في جيشهم، فعادة الجيوش أن يتمترس القائد ويدع الجنود تقاتل عنه، ولكن المقاتلين في سبيل الله تعالى تجدهم جميعا بقادتهم وجنودهم يتسابقون للشهادة كما يتسابق أحدنا على جائزة كبرى.
فقد ذكر المؤرخين أن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام كان حذرا في الحروب، شديد الروغان من قرنه، لا يكاد أحد يتمكن منه. وكانت درعه صدرا لا ظهر لها، فقيل له: ألا تخاف أن تؤتى من قبل ظهرك؟ فيقول: إذا أمكنت عدوي من ظهري فلا أبقى الله عليه إن أبقى علي.
بل كان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ينزل إلى ساحة المعركة ويرمي ويقاتل الأعداء وكان يصاب بجروح وكانت الزهراء عليه السلام تكمد جراحة، حتى في غزوة أحد أصيب بجراحات ثخينة إلى أن ظن الناس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قتل.