الإمامة في القرآن الكريم – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ)
الآية مرتبطة بهيكل النظام الذي يريده الإسلام، فالمذاهب السياسية الموجودة بين المسلمين في هذه المسألة ترجع إلى تيارين رئيسيين: الأول يعتمد نظرية التعيين في الإمامة الدينية والسياسية، والثاني يعتمد نظرية الشورى، بمعنى أن الخليفة أو الإمام من أين يأخذ شرعيته في الحكم، هل يأخذها من الله بتعيينه خليفة للنبي صلى الله عليه وآله أم من الناس بالانتخاب.
والفريق الأول القائل بالتعيين دليله أن الله تعالى لا يمكن أن يترك الناس بعد ختام النبوة بدون خليفة يدير شؤون الأمة في جميع جوانبها، ويوجد كثير من الأدلة الحديثية التي تؤيد هذا الدليل العقلي، والمدقق في أدلة الفريق الثاني وأقوالهم تجد بينهم الكثير من التخبط حول مسألة تعيين الخليفة، وذلك لأنه لا يوجد دليل محكم يؤيد نظرية الشورى عندهم.
فقد ذكر القرطبي في تفسيره أن الإمامة تكون في ثلاث طرق: أولها النص الصريح، والثاني النص بالإشارة ودليله حسب ما قال: أن النبي صلى الله عليه وآله نص على أبي بكر بالإشارة، وأبو بكر على عمر. فإذا نص المستخلف على واحد معين كما فعل أبو بكر، أو على جماعة كما فعل عمر، يكون التخيير إليهم في تعيين واحد منهم كما فعل الصحابة في تعيين عثمان بن عفان، ثم إجماع أهل الحل والعقد.
والدليل القوي على أن الإمامة تعيين من الله تعالى هو قوله تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا)، وهذا يدل على أن الله هو الذي يجعل ولا يمكن له أن يدع الأمر للناس هو سبحانه الأعلم بعباده والأقدر على تشخيص الصالح من غيره لتولي هذا الأمر.