هل الأنبياء يورثون؟ – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(… وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
إن الآية الكريمة تريد أن تقول أن كل ما يجمعه الإنسان من أموال وأملاك إنما يرجع إلى الله تعالى، ولكن الإنسان لديه نزعة فطرية أن لا يترك أولاده بعد رحيله فارغي اليدين، بل يحرص الإنسان على أن يجمع ما يقدر على جمعه من الأموال حتى يورث كل ما جمعه لأولاده من بعده ويأمن لهم الحياة التي يرغب هو ان يعيشها.
والأنبياء بشر يملكون من النزعات الفطرية ما يملك البشر فهم أيضا حريصون على أولادهم حالهم حال باقي الناس، فنبي الله زكريا عليه السلام يقول القرآن عن لسانه: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)
فطالما أن فكرة الميراث هي فكرة مزروعة ومغروسة في كيان الإنسان، وليست أمر اكتسابي، لذلك يتساوى بها الأنبياء وغيرهم، فالله تعالى يقول: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ)، وأما ما ادعاه الخليفة الأول من قول نسبه للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة)
هذا الحديث من حيث السند خبر آحاد، ولم يسمعه أحد غيره، إلا زوجة النبي صلى الله عليه وآله ادعت مع أحد الأعراب أنهم سمعوا النبي يقوله، لكنها هي بعد خلافها مع الخليفة الثالث طالبته بإرثها من النبي صلى الله عليه وآله وكان عليّ بن أبي طالب عليه السلام جالساً عنده ، فقال : (ستعلم فاطمة عليها السلام أنّي ابن عمّ لها اليوم ، ثمّ قال : ألستما اللّتين شهدتما عند أبي بكر ، ولفقتما معكما أعرابياً يتطهر ببوله ، مالك بن الحويرث بن الحدثان، فشهدتم أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال : إنا معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة).
أما ما ادعاه الخليفة الأول أن الأنبياء يورثون العلم والحكمة، فإن العلم والحكمة فلا تورث وإن كان أهل البيت عليهم السلام قد ورثوها لكن لا لأجل أنهم من نسل رسول الله صلى الله عليه وآله بل لأنهم بذاتهم أهل للحكمة والعلم وهم أيضاً مهبط الوحي الذي نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله في بيوتهم وهم الأجدر لتلقي العلم والحكمة.
نعي مصيبة السيدة الزهراء عليها السلام