احتجاج اليهود على النبي ص – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ)
نزلت هذه الآية للرد على كل من قريش واليهود والنصارى في الجزيرة العربية، فكان اليهود والنصارى ينكرون نبوة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله بحجة أنه مستحيل أن يبعث الله نبياً من العرب سبب بعدهم عن الحضارة وعبادتهم للأصنام، وأما قريش أنكرت نبوته بسبب يتم النبي صلى الله عليه وآله وفقره.
فاليهود يعتقدون أن الله إذا أراد أن يبعث نبي فإنما سيبعثه منهم لأنهم حسب اعتقادهم هم شعب الله المختار وأنهم أصحاب كتاب سماوي جعلهم من ذوي الحضارات، وأما قريش تستكبر أن يبعث الله نبياً من غير سادات قريش وأثريائها.
والإسلام وإن لم يكن قد نزل على أمة ليس لديها سابقة حضارية، كذلك الكتب السابقة لم تنزل على أمة كانت تمتلك حضارة، ولهذا الإسلام كان قد نزل بين العرب ليحدث تغييراً جذرياً في ثقافة العرب من التخلف إلى الريادة، وليؤسس لحضارة ينطلقون بها لنشر دين الله تعالى بين الأمم.
فالإسلام عندما أنشأ حضارة جديدة فلا تمايز بين الحضارتين طالما أن مصدرهما واحد وهو الباري عز وجل، ومن ثم الإسلام ما جاء لمحي آثار الحضارة في الديانات السابقة، إنما جاء لينسخ تشريعات إما أنها حرفت أو أنه قد تغيير حكمها بشريعة أخرى صالحة لكل زمان ومكان ومحفوظة من التحريف.
وما احتجت به قريش على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله بأن الله لا يمكن أن يبعث نبياً من غير ساداتهم وأثريائهم فهذا لظنهم أنه تعالى يأخذ بمقاييسهم الدنيوية في الحكم على البشر بحسب مكانتهم المادية والاجتماعية.
وللأسف هذا حال الكثير من الناس بحيث تراهم يوقرون أصحاب الجاه والسلطة والمال، وفي الوقت نفسه لا يوقرون صاحب الفكر والعلم إن كان فقيراً، وكان من الممكن أن الله تعالى يبعث نبي من ساداتهم ولكن بعث الأمر في النبي محمد صلى الله عليه وآله لأمرين: الأول أنه يريد أن يغير نظرتهم السطحية للبشر والأهم أنه ليس في العرب ولا غيرهم من يقدر على حمل هذه الأمانة سوى محمد صلى الله عليه وآله.
مواضيع مشابهة
خير الزاد – 1006 – مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا