معسكر الضلال – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين)
يحكي القرآن الكريم عن صورة من صور يوم القيامة، فعندما يحشر الناس يدعون بهذا الدعاء، فهم عندما يلاحظون بأن مصيرهم تحدد وأنهم أصبحوا في معسكر الضلال يبدؤون يرفعون رؤوسهم ويدعون بأن يأتي الله لهم بأولئك الذين أضلوهم.
انقسم المفسرين إلى معسكرين، معسكر يقول بأن تفسير (اللذين أضلانا من الجن والإنس) هو المفسدون من الإنس والمفسدون من الجن.
وقسم يقول بأن القضية تقتصر على نفر، فمن أضلهم من الجن إبليس، لأن إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه، وإبليس هو أول من علم الناس الكفر والامتناع عن امتثال الأمر، ومن الإنس قابيل لأنه قتل أخاه هابيل وسفك الدم الحرام وعلم الناس على القتل وعلى سفك الدم الحرام وسبب ضلالهم. وسواء كانوا اثنين أم معسكرين فالنتيجة واحدة.
ما أريد أن أقف عنده هو أن كل إنسان عنده محاولة بأن يخلع عن نفسه الشعور باللوم أو الالتصاق بالجرم ويرميه على عاتق غيره بمعنى التعلل والتحجج.
وتسمع أحيانًا أنهم يقولون عن فلان بأن عنده شماعة يعلق عليها ذنوبه، فعندما تسأله عن سبب عمله بالحرام فيجيب: ماذا أفعل؟ الله كتب علي ذلك. كيف ذلك؟ أنت تخلع مبادرتك للحرام وممارستك له وترميها على القضاء والقدر؟ وما ذنب القضاء والقدر في ذلك؟ فأنت تملك الخيار، وبوسعك أن تختار هذا الطريق أو ذاك، لماذا تحاول أن تخلع المسؤولية من عنقك وتلقيها على عنق الآخرين؟
والكافرون في الآية الكريمة يلقون باللائمة على البيئة، انطلاقا من أن المؤثرات على الإنسان صنفان: إما البيئة أو الوراثة، أما البيئة فإن وجها من وجوهها التعليم، فهناك في المجتمع من يحصل على دور تعليمي فيقتدي به الناس، وهذا يؤثر على الآخرين بالإيحاء.