حاجة الإنسان – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدث)
هذه أمور ثلاثة أمر الله عز وجل بها نبيه، وهذه الأمور الثلاثة في واقع الأمر تتصل اتصالا مباشرا ببنية المجتمع.
الحقوق الثلاثة التي تعرضت لها الآية اثنان منها للعباد وواحدة لله عز وجل، فالمفسرون يتساءلون ويطرحون سؤالا في هذا الموضع: الله عز وجل أول ما بدأ بحاجة العباد، ثمّ وضع ما يخصّه هو في النهاية، ما يخص العباد هو (فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر) وفي النهاية (وأما بنعمة ربك فحدث)، فما اختص بالله وضعه في النهاية.
يجاب عن هذا التساؤل بأن الله عز وجل عندما قدم حق العباد هذا لأن العباد فقراء محتاجون، والله عز وجل غني، وعندما يجتمع غني وصاحب حاجة يقدم صاحب الحاجة، لأن الله تبارك وتعالى في غنى عن كل شيء، وهؤلاء محتاجون، فليس من عباد الله أحد غير محتاج، بل إن مجرد وجودهم حاجة، فأنت تلاحظ أن مدد الباري وإمداده لو انقطع لحظة عن العبد فإنه ينتهي ويموت، فهو بحاجة إلى الحياة والهواء والماء والطعام، فكل ما في وجوده حاجة.
الإنسان كله حاجة، والله عز وجل كله عطاء، فنحن لا نملك شيئا غير مفتقر إلى الله.
والأمر الثاني أن الله رضي من العباد بالقول وفيما يخص الناس أمر العباد بالعمل، فالآية تقول (فأما اليتيم فلا تقهر) أي اعمل على تلبية مطالبه (وأما السائل فلا تنهر) كذلك الأمر (وأما بنعمة ربك فحدث) هنا عمل لساني وهو الشكر لا أكثر، بينما للعباد عمل، والسبب هو أن العباد مصدر فقر والله مصدر غنى.
والأمر الثالث هو أن كل عمل يعمله الإنسان هو بتوفيق الله وبعطائه، وإذا لم يوفق من قبل الله فهو لا يستطيع على شيء..