مكانة المرأة بين الماضي والحاضر – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ)
قد يتصور الكثير أن مسألة كراهة إنجاب البنات كان محصوراً فقط في ثقافة العرب، بينما الواقع أن أغلب الأمم كان هكذا حالها مع البنات، والسبب كما يدعون أن البنت تجلب الأعداء وتقرب البعداء، ومعنى قولهم أن البنت عندما تتزوج من غير عيشرتها فإن الولد الذي ستنجبه سيقاتل مع عشيرة والده في حال وقع قتال بين العشيرتين، وأنها تقرب البعداء في الميراث، فالبنت عندما ترث أباها ثم بعد ذلك تموت هذه البنت، ينتقل ميراثها إلى أبنائها الذين هم من غير ذرية والدها.
ولذا تجد أنه كان ولازال الكثير من الناس في المجتمعات العربية يحبس ابنته عن الزواج لهذا السبب، وإن لم يحبسها يلجأ إلى طريقة لحرمانها من الميراث، وهذين الأمرين هما محرمان في الشريعة الإسلامية بل إن الأحاديث الشريفة توعدت بأشد أنواع العقاب على من يمنع ابنته أو أحد من أبناءه من الميراث.
والشريعة الإسلامية أيضاً جعلت منزلة الأم أفضل من منزلة الأب، رغم إن طاعة الوالدين كلاهما واجبة ولكن طاعة الأم أوجب، بحيث لو تعارضت طاعة الأب مع طاعة الأم قدمت طاعة الام، وهذا خلاف ما كان سائد عند الأمم السابقة من العرب وغيرهم.
وقد كانت الأمم السابقة تفضل الذكر على الأنثى باعتبار أنهم يعتبرون المرأة مجرد أداة للإنجاب، والرجل هو المنتج والذي يجلب المال، وهو المحارب الذي يقاتل ويدافع عن عشريته وأرضه، رغم أن المرأة هي التي تربي وتعلم هذا الطفل الذي سيصبح رجلاً ينتج لوطنه واسرته ويدافع عنهما.
وإن بعض آيات القرآن التي قد يشتم منها التفضيل بين المرأة والرجل هي ليست كما يفهم منها، بل جميعها نزلت لتبيين حقوق وواجبات كل منهما بما يتعلق بفطرتهما، فللمرأة أحكام تتعلق بتكوينها من ناحية أنه يعتريها الحيض والنفاس وهذه الأحكام لا تتعلق بالرجل، والرجل له أحكام خاصة كوجوب الجهاد ووجوب السعي للكسب وتحصيل نفقه العيال أن قيمومته عليهم في هذه الموارد، وهذين الأمرين على سبيل المثال لا تلتزم فيه المرأة إلا عند الاضطرار.
فالشريعة لا تفضل بينهما إنما التفضيل بالأقرب إلى الله تعالى والأشد تقوى وحباً له سبحانه، ولذلك تجد نساءً صعدن إلى سماء نجومنا وكانت كل واحدة منهن نوراً نستنير به في طريقنا إلى الله تعالى كالسيدة الزهراء وابنتها العقيلة زينب عليهما السلام.