الحجاب في الإسلام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)
إن الرجل المسلم مأمور بنوع من الحجاب الأخلاقي وهو عفة النفس عن المحارم وغض النظر عن عورات المسلمين، أما المرأة فهي مأمورة بنوعين من الحجاب: الأول الحجاب الأخلاقي، والثاني الحجاب البدني، فهمي كما هي مأمورة بأن تعف نفسها كذلك هي مأمورة بستر بدنها عن نظر من في قلوبهم مرض.
وسبب نزول الآية الكريمة هي أن بعض المؤمنات بالأخص من أهل البادية كنّ على سذاجتهن، بحث كنّ لا يسترن مواضع الزينة فكان من في قلوبهم مرض ينظرن إليهنّ بشهوة، فأنزل الله الآية الكريمة تأمر المسلمات بستر أنفسهن عن نظر الأجانب، (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ)، فبلس التقوى هنا هو العفة والحياء واللباس الذي يستر البدن هو اللباس المادي.
فالإسلام أقر بأن الحجاب الشرعي للمرأة هو ستر كامل بدنها عدا الوجه والكفين، أما ما يدعو له الغرب والأبواق الناطقة باسمه في بلاد المسلمين ويدعون إلى تعري المرأة بدعوة تحريرها وأنه يحرمها من النزول إلى ميادين العمل وشل نصف المجتمع عن حركة الإنتاج فهو دعوة باطلة، لأن الإسلام عفا عن ستر ما تحتاج إليه إذا اضطرت للعمل، وهو وجهها لترى ويديها لتعمل.
وقد وجه الخطاب لزوجات النبي صلى الله عليه وآله أولاً ، ثم لبناته صلى الله عليه وآله، والمقصود ببناته هنا ليس البنات من صلبه، لأن الخطاب للجمع والنبي صلى الله عليه وآله ليس له إلا ابنه واحدة وهي السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، فالمقصود من بناته في الآية الكريمة هن جميع البنات المؤمنات، وقد نسب الله البنات المؤمنات للنبي صلى الله عليه وآله باعتبار أنه أب للأمة.