أقسام العبادة – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا)
الدعاء المذكور في الآية الكريمة المقصود به العبادة، فالمقصود بالدعاء هنا هو العبادة، أي يعبدون من دون إلا إناثا، لأن العبادة في الواقع تشتمل على الدعاء، وهو من باب تسمية الشيء باسم بعض أجزائه، فقد جرت عادة العرب على ذلك، وقد تسمي الحال باسم المحل أو المحل باسم الحال، وجزء من تفسير القرآن الكريم هو تفسيره بلغة العرب، فقد نزل القرآن الكريم بلغتهم، وعندما أريد معرفة المعنى الدقيق المقصود علي أن أعود إلى لغتهم.
مثلا عندما يقول القرآن الكريم (ليقضوا تفثهم)، فما معنى التفث هنا؟ فهنا لا بد لي من العودة إلى القواميس ومعاجم اللغة العربية، وقد ورد في المعاجم العربية بأن التفث هي الأوساخ، أي الشعر الزائد والأوساخ التي ينظف المرء جسمه منها.
لذلك فنحن نضطر في معرفة الحكم الشرعي إلى اللفظ الذي نزل به القرآن الكريم.
والعبادة هي على قسمين: عبادة عفوية غير صادرة عن علم، وعبادة صادرة عن علم، والعلم تارة يكون بصورة مباشرة وأخرى بصورة غير مباشرة.
العبادة العفوية التي تصدر عن غير علم هي ما كان عليه الناس في الجاهلية، فيفعل كل ما يخطر بباله ويعتبره عبادة.
وهنا نشير إلى أن الأحكام ينبغي أن يكون مدركها من السماء، ونحن لا نأخذ بالقياس لهذا السبب وهو أمر مرفوض، لأن القياس مستنبط العلة وهو محض ظنون، والقياس عند المذاهب الإسلامية الأربعة يعد مصدرا من مصادر التشريع تماما كما الكتاب والسنة، ويقولون إن حكم الله عز وجل هو عبارة عما يقع في ظن المجتهد، وهذا ما يسمى بنظرية التصويب.
والعبادة من نوعها الأول فاسدة نظرا لأنها غير مستقاة من وحي السماء، فصاحبها يخترع ما يشاء من الآلهة والأصنام يعكف إلى عبادتها ويتقرب بها إلى الله، دون أن يسأل أهل التخصص في الموضوع، ولذلك فنحن نعتبر العبادة التي لا تستند إلى علم باطلة، لأن القرآن الكريم يقول (ولا تقف ما ليس لك به علم) بمعنى ألا تتبع شيئا ليس لك به علم.
مواضيع مشابهة:
أسرار سورة التوحيد
إضاءة على التوحيد في مذهب أهل البيت عليهم السلام – الشيخ عبد المجيد فرج الله