الفاحشة في القرآن الكريم – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون)
الفاحشة هي ما يتفاحش قبحه، فكل ما يزداد قبحه يعبر عنه بأنه فاحشة، والمقصود بالزيادة الزيادة المعنوية، فمثلا يعبر القرآن الكريم عن الزنا بأنه فاحشة (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا)، فالوجه في زيادة القبح في الزنا هو تدمير الأسرة، ففي واقع الأمر الأسرة هي خلية في المجتمع، والمجتمع مكون من هذه الخلايا، فلو دمرت هذه الخلايا فقد دمرت المجتمع.
ويشبه هذا البيت لو بنيته من لبنات منخورة فسيقع هذا البناء قطعا، وهكذا يتدمر المجتمع بفعل تدمير خلاياه وهي التي تشكلها الأسرة.
أما الفاحشة التي تتحدث عنها الآية الكريمة حول أهل الجاهلية فهي جميع أفعالهم وأعمالهم وأقوالهم، وذلك نظرا لأن كل هذه الأفعال والأعمال والأقوال لا مستند لها ولا تستند إلى شريعة إلهية سماوية، وقد تكون بعض أعمالهم مطابقة لبعض أعمال المسلمين لكنها مع ذلك لا تقبل منهم، وتعتبر بذلك كل أعمالهم فواحش بحسب تعبير القرآن الكريم.
ويقول رأي آخر هو أنها نزلت في حادثة معينة، وهي مسألة طوافهم بالبيت وهم عراة، والسبب الذي كانوا يسوقونه من وراء فعلتهم الشنيعة هو أن الثوب الذي كانوا يلبسونه لا يمكن أن يكون نظيفا طاهرا بشكل كامل، فلا بد أن يكون خيط من خيوطه حرام من حيث لا يشعر صاحبه، ومن فرض هذا الرأي هم من كانوا يسمون بالحمس، وهم قريش، وسموا بذلك لأنه كانوا يتحمسون لدينهم الباطل.
وهذه الطريقة في الطواف حول البيت أدت لنوع من الانحلال والفساد في المجتمع، فقد كان الرجال يطوفون في النهار والنساء يطفن في الليل، ولكن هذا لم يمنع من انتشار الفساد والانحلال في عصر الجاهلية.
وقد قال أنصار هذا الرأي بأن هذه الآية نزلت في هذا الأمر لتنهاهم عن هذه الفاحشة، وسميت بالفاحشة لشدة قبحها.
مواضيع مشابهة
خير الزاد – 843 – مكفرات الذنوب
أحاديث في الذنوب وآثارها والنهي عن استصغارها