تذكير العباد بنعم الله عز وجل – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتا)
الآية الكريمة في معرض تذكير العباد بنعم الله عز وجل، ولكثرة غرق الإنسان في النعمة فهو ينساها ولا يشعر بأهميتها، ولذلك قالوا بأن النعمة لا تعد حتى تفقد، ففي الواقع أنت لا تشعر بالنعيم الذي أنت به إلا إذا طرأت حالة مغايرة.
فالعافية على سبيل المثال نعمة من نعم الله عز وجل، والإنسان لا يعرفها إلا إذا ابتلي بالمرض -لا سمح الله-، فإذا ابتلي بالمرض عرف قيمة العافية.
هذه الآية الكريمة هي من ضمن مجموعة من الآيات التي تحاول تذكير العباد بنعم الله عز وجل، والهدف من هذه المحاولة ليس المن علينا ولا انتظار الجزاء من قبلنا -حاشا لله-، فهو ليس من شأنه أن يمن فهو المنعم، ولا يريد منا جزاء ولا شكورا، فما هو الهدف إذن؟
الهدف هو أن الله تعالى يريد أن يضع قدمينا على طريق الفطرة، وطريق الفطرة هو أن شكر المنعم واجب عقلا قبل أن يكون واجبا شرعا، فمن أنعم عليك يتعين عليك أن تشكره، والعقل يأمرك بذلك {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}، فمن أحسن إليك وأنعم عليك يتوجب عليك أن تشكره، فإن لم تشكره فهذا يعني أنك مريض بمرض خلقي اجتماعي.
إن من أبسط حقوق من أسدى إليك الجميل إن لم تستطع رد الجميل ماديا هو رده بالشكر، ولذلك نقول بأن الهدف من تذكير العباد بنعم الله عز وجل هو وضع أقدامهم على طريق الفطرة الصحيحة، إلا أن هنالك من هو مريض كلما أحسنت إليه تزيده سما، وهو أشبه بالعقرب في ذلك، وهو من يشار إليه بالقول (اتق شر من أحسنت إليه).
هذا الصنف من الناس عندما تحسن إليه يشعر بنقص في داخله، فبدل أن يكافئك يقابلك بالسوء.