عواقب طاعة الظالمين – الشيخ د. أحمد الوائلي رحمه الله
المقدمة
طاعة الظالمين هي من أخطر الآفات التي تهدد المجتمعات، وقد حذر القرآن الكريم مرارًا من مغبة اتباع أصحاب النفوذ والمال الذين يضلون الناس عن الحق. في هذا السياق، يفسر لنا الشيخ د. أحمد الوائلي إحدى الآيات القرآنية التي تصور لنا محاورة في يوم القيامة بين التابعين والمتبوعين.
تفسير الآية الكريمة
قال الله تعالى:
“(فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ)”
(سورة إبراهيم: 21)
توضح هذه الآية حوارًا بين أتباع الظالمين وزعمائهم يوم القيامة. الزعماء، وهم المتبوعون في الدنيا، كانوا يملكون المال والنفوذ، مما جعل البسطاء والعوام يتبعونهم بشكل أعمى. يوم القيامة، يواجه كل منهم الحساب، ويُظهر الله تعالى لهم الحقائق التي كانت مخفية في الدنيا.
معنى “وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا”
هذه الجملة تعبر عن ظهور الجميع أمام الله يوم القيامة. يشير “البروز” إلى الظهور بعد الاستتار، ويعني ظهور السيئات التي كانت مخفية في الدنيا، أو التي ظن الناس أنها صالحة مثل عبادة الأصنام. في هذا الموقف، يدرك الجميع أن كل أفعالهم كانت تحت رقابة الله، وأنه لا يمكن إخفاء شيء عنه.
أهمية الرقابة الذاتية
الرقابة الذاتية تأتي من شعور الفرد برقابة الله المستمرة. هذا الشعور هو الذي يمنع الناس من ارتكاب الأفعال القبيحة، وفي غياب هذا الشعور تنتشر الفوضى والظلم، ويأكل الناس حقوق بعضهم البعض. الله سبحانه وتعالى عادل ولا يظلم أحدًا، لذا يوم القيامة هو يوم الحساب الذي ينصف المظلومين ويعاقب الظالمين.
الضعفاء وأتباع الظالمين
المحاورة في الآية تصور تذمر الضعفاء من عذاب الله يوم القيامة وسؤالهم لقادتهم: “هل أنتم قادرون على إنقاذنا من العذاب؟” فيجيب الزعماء بأنهم لو كانوا مهتدين، لهدوا أتباعهم. الظالمون في الدنيا أضلوا الناس لحماية مصالحهم الدنيوية، بينما الضعفاء أطاعوهم دون تفكير.
لماذا يعذب الأتباع؟
ربما يتساءل البعض: لماذا يعذب الأتباع وهم قد خُدعوا من قبل الظالمين؟ الجواب يكمن في أن الله أعطى كل إنسان عقلًا ليستخدمه في التفكير والتفريق بين الحق والباطل. هؤلاء الأتباع اختاروا عدم التفكير أو التساؤل عما يُملى عليهم من أفكار أو أوامر، بل باعوا آخرتهم مقابل دنيا غيرهم.
الخاتمة
الظلم وطاعة الظالمين ليسا فقط إثمًا على الظالمين، بل يمتد الأثر إلى أتباعهم الذين يتجاهلون ما هو حق وما هو باطل. كل فرد مسؤول عن أفعاله واختياراته، والله سبحانه وتعالى يحاسب الجميع على ما قدموه في حياتهم، سواء كانوا زعماء أو أتباعًا.