هل الفقر ابتلاء؟ – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ)
معنى الآية أن الله يوسع على من يشاء من عباده لحكمة يراها، ولكن ليس معنى الآية أنه إذا كان الله قد قسم الرزق بين عباده وأنه قدر لشخص الثراء والسعة ولآخر الحاجة والضيق في الرزق، ألا يعمل الإنسان اعتماداً على ما قدره الله من الرزق.
وإن أسباب التقتير في الزرق قد لا تكون من الله تعالى، فقد يشاء الله أن يمد بلد ما بأنواع الثمار والثروات، إلا أن الله يبتليهم بحاكم جائر يأكل الأخضر واليابس، وقد يمد الله بلد آخر بثروات أقل إلا أن الله يسلط عليهم حاكم يخاف على مصالح شعبه فترى الثروات مقسمة بينهم بالعدل.
ولكن كلاً من السعة والتضيق في الرزق تقديره على العباد من الباري عز وجل، فقد يقدر لعبد الغنى لأن ما يصلحه هو الغنى، ولآخر يقدر له الفقر لأن ما يصلحه هو الفقر، وآخر يوسع عليه الله حتى يهلكه (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
وقد شاع ف عرف الناس أن الرزق هو ما يحصله الإنسان من المال، ولكن الله لا يحصر معنى الرزق فقط في المال، فالصحة رزق يعطيها الله لمن يصلحه العطاء، ويسلبها عمن يصلحه المرض، ومن أهم وأفضل ما يعطى الإنسان من الرزق هو العقل السليم، فقد روي في شعر عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:
ما وهب الله لامرئ هبة * أحسن من عقله ومن أدبه
هما جمال الفتى فان فقدا * ففقده للحياة أجمل به
والعلم أيضاً يعد من أفضل ما يعطى الإنسان من الرزق، فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (يا كميل هلك خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر. أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة).
ومن الرزق المرأة الصالحة التقية، فعن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه الباقر عليهما السلام أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: (من سعادة المرء المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والمركب البهي، والولد الصالح).